متابعات :اخبار السودان
أثار قرار هيئة الجمارك في السودان بتطبيق الإقرار المسبق للشحنات أزمة وسط قطاعات التجارة والاستيراد، حيث أعلنت الغرفة القومية للمستوردين رفضها تنفيذه وسط مطالبات بإجراء إصلاحات في الجمارك.
ويهدف نظام التسجيل المسبق للشحنات (ACD) إلى تسريع وتسهيل إجراءات الاستيراد والتصدير من خلال تقديم بيانات الشحنة مسبقًا، حيث يتمكن النظام من إجراء فحص أمني شامل للبضائع قبل وصولها، مما يقلل من وقت الإفراج الجمركي والتكاليف المرتبطة به.
وقررت هيئة الجمارك التابعة لوزارة الداخلية تطبيق نظام الإقرار المسبق للشحنات ابتداءً من مطلع يناير المقبل، لكن الغرفة القومية للمستوردين رفضت تنفيذ قرار الإقرار المسبق للشحنات.
وقالت الغرفة، في بيان، إن هيئة الجمارك لا تدرك تعقيدات وصعوبات التعامل مع النظام الجديد وحاجة المتعاملين لفترة تدريبية وتجريبية لا تقل عن ستة أشهر.
وأشارت إلى أن منسوبي هيئة الجمارك خضعوا لتدريب من الشركة المسؤولة عن تطبيق النظام، رغم أنها بعيدة كل البعد من الناحية الفنية والإدارية لتطبيقه.
وأبدت استغرابها من كيفية تطبيق مبدأ شمولية التطبيق للنظام وعدالة التحصيل في ظل وجود كثير من المحطات الجمركية خارج سيطرتها.
وخرجت بعض المحطات الجمركية في الحدود من سلطة الدولة، خاصة معبري أدري بغرب دارفور والرقيبات بشرق دارفور، نظرًا لسيطرة قوات الدعم السريع على معظم الإقليم.
مطابقة الاشتراطات
وقالت الغرفة إن الجمارك تحتاج إلى كثير من الإصلاحات الداخلية قبل تطبيق القرار على قطاع الاستيراد مثل التحول الرقمي الكامل في عملها، والربط الشبكي مع الجهات ذات الصلة، وتحسين الرقابة الجمركية، والتوسع في الكشف بالأشعة السينية.
وأفادت بأن الإصلاحات التي تحتاجها الجمارك تشمل مكافحة الفساد، والحد من الإعفاءات على السلع، والأداء المالي غير النقدي، ومراجعة الفئات التعريفية الجمركية، واتباع المعايير المتبعة في فرض رسوم الإنتاج على السلع وأسس تقييم السلع.
وأوضح خبراء في مجالات التجارة الخارجية والجمارك والاستيراد والمصارف والاقتصاد والتحول الرقمي أن النظام الجديد يمثل خطوة تنظيمية تضمن مطابقة الشحنة للاشتراطات القانونية والفنية قبل مغادرتها بلد المصدر، لكنها تتطلب تجهيزات محددة.
وذكر وزير التجارة السابق والخبير الجمركي علي جدو أن نظام “ACD” يعد وسيلة لتسهيل إجراءات التجارة الخارجية.
وقال لـ”سودان تربيون”، إن السودان يحتاج إلى مواكبة العالم في ظل التطورات المتسارعة في التجارة الدولية وتطبيق المعايير الدولية التي تساعد في انسياب سلسلة إمداد التجارة الدولية.
بدوره، وصف الخبير في مجال التحول الرقمي والتقنية المصرفية محمد الخير، خلال حديثه لـ”سودان تربيون”، عدم مشورة المستوردين بالخطأ، مشيرًا إلى أنه من المفترض استصحاب كل أصحاب المصلحة في المشاريع والخدمات الجديدة.
وتابع: “واحدة من أكبر التحديات في تنفيذ الخدمات الإلكترونية هي إدارة التغيير”.
وأوضح أن اعتياد المتعاملين على تنفيذ الأعمال بطريقة معينة لفترة زمنية طويلة، يدفعهم إلى مقاومة أي تغيير – وإن كان للأفضل – في كثير من الأحيان.
إحكام الرقابة
وقال المصرفي وليد دليل إن النظام الجديد يساهم في تعزيز الأمن الاقتصادي للسودان وحماية المستهلكين من البضائع المقلدة أو المهربة، ويستفيد من نظام النافذة الواحدة كل من المستوردين ووكلاء المقاصة والموظفين الحكوميين.
وبيّن أن نظام التسجيل المسبق للشحنات (ACD) يسهم بشكل فعال في تقليل التظلمات الجمركية، حيث يتيح للمسؤولين اتخاذ القرارات اللازمة قبل وصول الشحنة، مما يضمن سير الإجراءات بسلاسة وشفافية.
ونظام الإقرار المسبق مطبق في عدة دول من بينها مصر، والسعودية، والإمارات، والمغرب، وتركيا، ودول الاتحاد الأوروبي، وتقع مسؤولية التأكد من صحة رقم ACD على خطوط الشحن قبل بدء عملية النقل.
ولا يؤثر تغيير قيمة الشحنة بعد وصولها إلى البلد المستورد على القيمة المستخدمة في عملية التقييم الجمركي، حيث يتم تحديد القيمة الجمركية بناءً على المعلومات المقدمة في المستندات الجمركية قبل وصول الشحنة.
ولفت دليل إلى أن النظام يسمح بإجراء بعض التعديلات على بيانات الشحنة بعد إصدار رقم ACD، ومع ذلك، هناك بعض القيود المفروضة على هذه التعديلات، حيث لا يُسمح بتعديل بيانات الأطراف المتعاقدة (المستورد والمصدر) بعد مغادرة الشحنة من ميناء التحميل.
ونوّه إلى أن الفوائد المتوقعة جراء تطبيق القرار تتمثل في تسريع التخليص والإفراج الجمركي، وخفض الازدحام داخل الموانئ، علاوة على تقليل التكاليف على المتعاملين والجهات الرسمية مع إحكام الرقابة على سلاسل الإمداد ومنع التلاعب.
وأشار المحلل الاقتصادي هيثم فتحي إلى أن نظام الإقرار المسبق للشحنات الواردة من قبل المستوردين له مزايا عديدة، منها حماية المواطن السوداني من البضائع مجهولة الهوية أو المصدر، وتقليل زمن الإفراج من خلال تقليص الدورة المستندية، ومن ثم تكلفة الإفراج عن البضائع، وذلك باستخدام البيانات والمستندات الإلكترونية والاستغناء عن المستندات الورقية.
وذكر، أن هذا النظام تنفذه العديد من الدول المجاورة والدول التي تشابه السودان في نظامها الاقتصادي.
وأوضح أنه إجراء جمركي جديد يعتمد على إتاحة بيانات أو مستندات الشحنة (الفاتورة المبدئية أو أمر الشراء وبوليصة الشحن المبدئية) قبل الشحن بـ48 ساعة على الأقل، لتتمكن الجهات المعنية من رصد أي خطر على البلاد من خلال نظام إدارة المخاطر، حيث يضع السودان أولوية قصوى لضمان أمن وسلامة المواطنين.
وتابع: “هناك حوالي 24 دولة من أصل 54 دولة من القارة الإفريقية، تعتمد شهادة الإقرار المسبق لشحنات الاستيراد المتجهة إلى موانئها”.
وشدد فتحي على أهمية وجود منصة وطنية تُدار بواسطة السودانيين أنفسهم، تربط بين الجمارك وتمكن وكلاء التخليص الجمركي والمستوردين أو أي طرف ثالث من إدخال البيانات الضرورية، ورفع المستندات المطلوبة، على أن تكون رسومها بالجنيه السوداني.
وقال إن تطبيق منظومة التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI» يمثل خطوة جديدة في مسار تطوير العمل الجمركي، ويُسهم في تعزيز موقع السودان في مؤشرات أداء الخدمات اللوجستية والتجارة الدولية، من خلال تسريع الإفراج الجمركي، وتسهيل حركة التجارة عبر المنافذ الجوية، وتحسين ترتيب السودان في مؤشرات الأداء العالمية.
وتعتزم الغرفة القومية للمستوردين مخاطبة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، توضح فيها الآثار الخطيرة التي سوف تحدث في الاقتصاد السوداني إثر تطبيق نظام الإقرار المسبق للشحنات (ACD) ابتداءً من الشهر المقبل.
المصدر : سودان تربيون
