لم يكن الشخص الذي دفع بخبر لقاء رئيس الوزراء د كامل ادريس بالرئيس التنفيذي لشركة سوما التركية بمطار تركيا إلى وكالة الأنباء السودانية لديه معلومات عن تاريخ الشركة ولا عن علاقاتها بالسودان . لذلك استهلّ الخبر ب ( أبدت شركة سوما رغبتها) . كما ان الاسوأ ليس في الصياغة فقط وانما في سونا نفسها التي تنشر دون ان تبحث وتتقصى لتقدم للقارئ خدمة خبرية جيدة.
الخبر الصحيح هو اعادة تاكيد نية التعاون بين الحكومة السودانية وشركة سوما التركية لتشييد مطار الخرطوم الجديد.
عام 2018، وقعت الحكومة السودانية اتفاقية مع شركة “سوما” (Soma Holding) التركية للإنشاءات والاستثمارات، لتشييد مطار الخرطوم الجديد. بتكلفة ١.١٥٠ مليار دولار على نظام البوت .
وقتها حدث تنافس قوي جدا بين سوما التركية والشركة الصينية التي رغبت في بناء المطار عن طريق قرض بنك الاستيراد والتصدير الصيني بمبلغ ٧٠٠ مليون دولار أمريكي لتغطية تكاليف انشاء المباني الرئيسية والمرافق التابعة للمطار.كانت شروط القرض تفضيليا بمدة سداد ٢٠ سنة وبهامش ربح سنوي ٢.٥٪ وكان هذا التمويل جزءا من اتفاقية سابقة . حيث أبدت الصين رغبتها في المشروع المرة الاولى في ٢٠١٤
التنافس المحموم بين العرضين التركي والصيني أدى إلى تدخل النائب الاول بكري حسن صالح ووجه بتشكيل لجنة لدراسة العرضين ، وكانت توصية اللجنة قبول العرض التركي لكن أوصت بإعادة التفاوض لتحسين شروط العقد لصالح السودان .
وبرغم ان قيمة العرض الصيني اقل من ناحية مالية غير ان الحكومة وافقت على عرض شركة سوما وذلك لانها ادخلت مشروعات بنية تحتية اخرى كذلك انشاء فندق ومطاعم اخرى ملحقة بالمطار فيما اختصر العرض الصيني على المطار فقط وبه شروط كثيرة تمثل عبئا ماليا على السودان .
الاتفاق اشار بان التشغيل لفترة الامتياز المتفق عليها لاستعادة التكاليف والأرباح قبل ان تحول ملكيته إلى الحكومة السودانية.
لجنة بكري حسن صالح اوردت معلومات حول شركة سوما التركية جعلت الرئيس عمر البشير متحمسا لها وهي ان الشركة من الشركات التركية ذات السمعة الجيدة في صناعة التشييد للمطارات خاصة في افريقيا كما انها تحظى برعاية الرئيس اردوغان وهو الذي أوصى بها للعمل في السودان . بل ان اردوغان اتصل على البشير في هذا الخصوص ، ومعلوم ان الرئيس التركي عادة لا يتدخل إلا إذا كانت لديه معلومات موثقة عن امكانية الشركة.
من النقاط الإيجابية التي اشارت اليها اللجنة ان مدة تسليم المطار ٣٦ شهرا وبعد ٣٠ شهرا يبداً الاستخدام التجريبي.كما ان العرض بنظام البوت دون المساس بالإيرادات السيادية التي تذهب بكاملها للدولة ، فيما يعتمد المشروع على الإيرادات التجارية من المحلات والمول والكاتيرنج والفنادق والمطاعم ومواقف السيارات ومكاتب تغيير العملة وإيجار السيارات للشركات المنفذة والممولة .
جاء التشكيك في عرض شركة سوما من بعض المسئولين في الدولة الذين رأوا انه ضعيف ماليا مقارنة بحجم الإنشاءات والبنية التحتية والفنادق التي أضافتها الحكومة ومن بينها ايضا مركز إقليمي للتزود بوقود الطائرات ومركز لصيانة الطائرات .
كان الفريق المفاوض من الجانب السوداني يحاول فرض ضغوط على الشركة لتحسين شروط العقد ويطالب بإلغاء ال ٥١ دولار التي رأت الشركة فرضها على المسافر او خفضها إلى ١١ دولار مع الإيرادات التجارية .
رئيس الوزراء وقتها معتز موسى أوقف المشروع اذ انه لم يكن مقتنعا بان السودان يحتاج مطار بهذا الحجم وان يتم الاكتفاء بتحسين مطار الخرطوم الحالي في حدود خمسين مليون دولار فقط . كانت حجته ان مطار بمدرجين للصعود والهبوط يكفي لعدد الطائرات اليومي الذي لا يزيد عن ٧-٨ طائرات فقط .
في عام ٢٠٢١ ظهرت شركة سوما مرة اخرى على سطح الاحداث عندما وجه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك باستئناف العمل مع الشركة التركية “سوما”لتشييد المطار الجديد وقبل البدء في الاجراءات الرسمية غادر حمدوك الموقع . وهاهي تظهر ذات الشركة مجددا في عهد وزارة كامل ادريس
