الدكتور. محمد الأمين العجب يكتب جامعة العلوم والتقانة.. ملحمة الصمود في وجه الحرب

في منتصف التسعينيات، وتحديداً عام 1995م، انطلقت جامعة العلوم والتقانة كواحدة من ثمار ثورة التعليم العالي في السودان. ولدت الجامعة وهي تحمل في قلبها رسالة التميز الأكاديمي وخدمة المجتمع، لتلحق بركب الجامعات الوطنية الرائدة مثل جامعة الأحفاد وجامعة أم درمان الأهلية.
لكن مسيرة الجامعة لم تكن عادية؛ فقد واجهت تحديات الحرب التي عصفت بالبلاد، فاضطر طلابها وأساتذتها إلى التشتت في بقاع السودان وخارجه. نزل بعضهم في الشيخ عبد الله البدري شمالاً، وآخرون في كسلا، بينما احتضنت جامعة وادي النيل بعطبرة عدداً كبيراً منهم. ولأن العلم لا يعرف الحدود، فقد اتجهت قوافل الطلاب والأساتذة إلى مصر والسعودية، حاملين معهم راية الجامعة.
ومع مرور السنوات، بدأوا العودة تدريجياً إلى أرض الوطن، لتستقر الجامعة في أمدرمان، حيث واصلت رسالتها عبر كلياتها المتنوعة وعلى رأسها كلية العلوم الإدارية. لقد ربطت هذه التجربة بين الحرب والعودة والواجب الوطني، وأثبتت أن الجامعات ليست مجرد قاعات محاضرات، بل حصون للوطنية ومشاعل للأمل.
ولا يمكن الحديث عن هذه المسيرة دون الإشادة بالدكتور معتز البرير، الذي لعب دوراً محورياً في صيانة الكيان الأكاديمي للجامعة، والحفاظ على تماسكها، وإبقاء رسالتها متقدة رغم كل الظروف. كان مثالاً للقائد الذي يرى في الجامعة مسؤولية وطنية قبل أن تكون مؤسسة تعليمية.
دروس وعِبر
تجربة جامعة العلوم والتقانة تحمل لنا دروساً بالغة الأهمية:
أن العلم صامد مهما عصفت به الظروف.
أن الجامعات يمكن أن تتحول إلى ملاذات للوطنية، تحمي الشباب من التيه وتبني فيهم الأمل.
أن الحرب، مهما فرقت الأجساد، فإنها لا تستطيع أن تطفئ جذوة المعرفة.
اليوم، ومع عودة الجامعة إلى مسارها الطبيعي، فإنغ مسؤوليتنا جميعاً هي دعمها ومساندتها لتواصل رسالتها في خدمة الوطن وبناء المستقبل. إنها ليست مجرد جامعة، بل قصة وطنية تُروى للأجيال، عنوانها: “الصمود والعلم والعودة”.فلابد ان تسعي كل الجامعات الحكومية والاهلية مع دورها المعرفي من ترسيخ مفهوم الوطنية وتقوية روح التعاون بين طلابها من اجل عام اكاديمي يسوده الاخاء والمحبة