عبدالملك النعيم احمد يكتب قبل المغيب.. إستبدال العملة وحرقها…(2 من 2)

نبدأ بالتهنئة للشعب السوداني بذكري إستقلال بلاده التاسعة والستين وهي سنوات كثيرة مقارنة بما حققه السودان بحكوماته المتعاقبة وبعلمائه ونخبته المثقفة من تطور في شتي المجالات وأقلها أن يكون له دستور دائم ليحكم البلاد…وتجيئ ذكري الإستقلال وما زالت هناك حرب وإعتداء وتآمر دولي بإستخدام بعض أبناء الوطن ضد سيادته وإستقلاله بل وجوده في خارطة الدول رغم أنه اول دولة إفريقية تنال إستقلالها بل ساعدت ودعمت كل حركات التحرر الإفريقية من لدن نيلسون مانديلا وجومو كنياتا وكثير من القادة الأفارقة الذين ناهضو الإستعمار..ومن المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية التي تطورت وأصبحت الاتحاد الأفريقي مع بداية الألفية الثالثة والذي للأسف يقف متفرجاً والسودان يتعرض لعدوان دولي تشارك فيه بعض دول الاتحاد وهذا للتذكير فقط…ربما عدنا اليه في مقال منفصل….
وعودة إلي إكمال مقال الأمس بخصوص إستبدال العملة وحرقها والربط بين عمليات الإستبدال والحرق في هذا المقال تبدو ضرورية ومقصودة،
من المشاكل التي صاحبت عملية إعلان إستبدال العملة التي ذكرنا أسبابها ودواعيها هي التوقيت والكيفية التي تمت بها وهي مازالت مستمرة في بعض الولايات بسبب الحرب ولكننا نتحدث عن التسع ولايات التي تمت فيها والمشاكل جاءت من أفواه المواطنين..
التوقيت المعني ليس الشهر أو اليوم لأن ذلك ربما مرتبط في ذهنية متخذ القرار بالسنة المالية الجديدة والميزانية لمعالجة التضخم في ميزانية العام المقبل ورفع الكتلة النقدية داخل النظام المصرفي لكن تظل الفترة المتاحة وهي أقل من أسبوعين مع ظروف الحرب والنزوح وعدم الإستقرار وضيق المواعين وسعات الأجهزة الإلكترونية المطلوبة للعمل تظل فترة غير كافية لجعل عملة كانت مبرأة للذمة لسنوات عديدة بأن تصبح بين عشية وضحاها غير صالحة للتداول وهذا الاستعجال وقصر الفترة خلق مشاكل كثيرة بين المواطن المستهلك وصاحب السلعة أياً كانت السلعة المطلوبة أو الخدمة التي يحتاجها المواطن ففد ظهرت أزمة طاحنة في المواصلات في العاصمة الادارية بورتسودان وأغلقت الكثير من المحال التجارية أبوابها رافضة استلام العملات منتهية الصلاحية قبل إنتهائها بيوم بسبب صعوبة توريدها لدي البنوك….فكنت أري وربما غيري كثيرون أن إنتهاء صلاحية العملة يجب أن ينتهي بالتدرج بمعني أن تقوم البنوك بإستلام المودع بالقديم وإعطاء الزبون العملة الجديدة ولفترة ليست مفتوحة بالطبع ولكن لنقل ثلاث أشهر…بطريقة لا يحس بها المواطن ولا تؤثر علي تعامله اليومي وهذه لم تحدث.. اما المشكلة الثانية فهي عدم توفر العملة الجديدة في البنوك عامة في مايقابل توريد الافراد او المؤسسات وقد حدد بنك السودان مبلغ يومي يقدر ب200 ألف جنيه وللأسف لم يوف به وهذا قد ادي الي إحجام الكثيرين من الاستعجال في إيداع ما لديهم من نقود الي البنوك بجانب صعوبة فتح الحسابات المصرفية وتعقيداتها بسبب التكدس وضعف إستعداد البنوك لذلك…ربما يضطر البنك المركزي لمعالجة هذا الخلل بتمديد المدة او الاتجاه للولايات التي لم تتم فيها عمليات الإستبدال بعد ولهذه المعالجة أيضا مشاكلها…
أما الشق الخاص بحرق العملة التي يفترض أنها غير مبرأة للذمة وهو ضروري بالتأكيد ولكن واضح أنه تم في التوقيت الخطأ لذلك جاءت حادثة تسرب مبالغ كبيرة لم تحدد قيمتها بعد وهي مفترض أنها معبئة وجاهزة للحرق، تسربت لكي يتم ايداعها مرة أخري في البنوك بأسماء من سربوها او من يتعاونوا معهم لذلك وجاء قرار محافظ البنك المركزي بحل اللجنة المتهمة وتكوين لجنة جديدة لحرق النقود…فالسؤال هل تم إسترجاع الأموال التي تم تسريبها؟ هل باشرت لجنة التحقيق أعمالها؟ وهل تم توجيه تهم لجهات بعينها؟ الشارع يريد أن يري القانون يطبق علي كل من تثبث إدانته في هذه الجريمة النكراء متعددة الأوجه سواء علي مستوي تخريب الإقتصاد الوطني الذي أرادوا إصلاحه بالإستبدال والحرق أو علي مستوي خيانة الأمانة والقسم الذي أدته اللجنة او علي مستوي أخذ مال الغير بالباطل وإيداعه في حساب آخرين دون وجه حق…
كيف بمحافظ البنك المركزي أو اللجنة التي كلفها بعمليات الحرق أن تبدأ في حرق عملة مازالت مبرأة للذمة ولم تنته بعد فترة الإستبدال؟؟ الأصح والأفضل والذي يعرفه المواطن العادى هو أن يتم حجز هذه الأموال في مكان آمن وبحراسة مشددة من جهات أمنية متعددة تكون اللجنة المعنية بالحرق وبنك جزء منها وليس أصحاب القول الفصل فيها..وبعد أن تنتهي فترة الاستبدال وفي كل ولايات السودان وليس فقط في التسع ولايات لكي لا تتسرب الي ولايات مازالت العملة المعنية صالحة للتداول فيها…بعد أن تصبح هذه العملة غير مطلوبة او مرغوبة حتي إن وجدها المواطن علي قارعة الطريق…حينئذ تبدأ عمليات حرقها وإبادتها وهذا لم يحدث للأسف…هل فعلاً إدارة البنك المركزي واللجنة المعنية تغيب عنهم هذه المعلومة الأولية في الشأن الإقتصادي وبإختيار التوقيت المناسب لحرق وإبادة عملة مازالت مبرأة للذمة…
يجب الا تقدم اللجنة التي تم إعادة تكوينها لحرق العملة في اي خطوة. للحرق مالم تصبح هذه العملة غير صالحة للتداول وفي كل ولايات السودان وليس فقط الولايات الآمنة الآن…مسؤولية تخزينها وحفظها وحمايتها هذا موضوع أمن قومي تشترك فيه كل الجهات الأمنية في البلاد وليس البنك المركزي وحده…