حروب على الذاكرة: تدمير التراث السوداني في ظل الصراع المستمر

وادي حلفا: سارة إبراهيم
في قلب الخرطوم، كانت المتاحف القومية شاهدة على تاريخ السودان العريق، من حضارة كوش إلى التراث الإسلامي. الآن، أصبحت هذه الصروح الثقافية جزءًا من ذاكرة تائهة في ظل الدمار والنهب الذي جلبته سنوات الحرب، والتي أثرت بشكل مباشر على الموروث الثقافي والمتاحف في العديد من الولايات، لكن هل هناك أمل في استعادة ما ضاع؟

يبدو أن هذا التهديد للثقافة قد وصل إلى مستوى غير مسبوق، مع ورود تقارير عن نهب المتاحف والمواقع التراثية والأثرية والمجموعات الخاصة، فيما تعرض المتحف القومي في الخرطوم للقصف خلال الصراع الأخير، مما أدى إلى تلف أجزاء من مقتنياته النادرة، حيث قالت مدير المتحف القومي إخلاص عبد اللطيف، إن متحف السودان القومي قد تعرض لعملية نهب كبيرة حيث خرجت شاحنات كبيرة محملة بكل مواد الأثرية المخزونة بمتحف السودان القومي وخروجها عن طريق أمدرمان متجهة نحو الغرب ثم توزيعها على مناطق الحدود وخاصة جنوب السودان، بحسب قولها.

تمدد الرقعة
وأشارت إخلاص، إلى تعرض متاحف أخرى للنهب وكذلك التدمير منها متحف نيالا بدارفور حيث تم نهب جميع الممتلكات والمجاميع المتحفية بالاضافة للأثاث وفترينات العرض، كذلك متحف “الخليفة عبدالله التعايشي” المتعارف بأسم بيت الخليفة بأمدرمان، تعرض للسرقة وتدمير أجزاء من المبني، وذكرت عبد اللطيف في ذات السياق، إن المجاميع المتحفية ترجع إلى جميع العصور التاريخية القديمة منذ عصر الحجري وحضارة كرمة ونبتا ومروي وما قبل المسيحية والمسيحية والاسلامية حيث إن مخازن متحف السودان القومي تعتبر المستودع الرئيسي لكل آثار السودان التي لا تقدر بقيمة مادية.
وعادت لتنفي وصول التحف المسروقة إلى المزادات العالمية، مشيرة إلى إنها ربما تكون ممتلكات شخصية أو تتبع لأي جهة تم اقتنائها قديماً في فترة الاستعمار.

بصيص أمل

في بلد يموج بكل التحديات المعاشة والتي تحول دون الوصول إلى المتاحف القومية ورصد حجم التدمير والنهب والتلف، يمثل الحفاظ على التراث الثقافي واستعادته، خطوة أساسية لبناء مستقبل يكرم الماضي، ويعيد للجيل القادم ما فقدته الحروب من كنوز لا تقدر بثمن، وفي ذات السياق يطمئن المدير الاقليمي للآثار بولاية الشمالية د. سامي محمد الأمين، باستعادة الآثار المنهوبة، ويكشف حاليا الهيئة العامة للآثار والمتاحف متمثلة في أداراتها المختلفة على اتصال بوزارة الثقافة والإعلام بأعلى مستويات، وأن هناك اتصال بشرطة الإنتربول والمؤسسات الأمنية على مستوى العالم المهتمة بالآثار، من أجل تتبع القطع الأثرية وحركتها داخليا وخارجيا، علما بأن هناك اتفاقيات واضحة جداً منها “اتفاقية جنيف 1971م _ عن حماية الآثار والتراث القومي خلال النزاعات والحروب المسلحة”، فجميع الآثار المعروضة في المتاحف مسجلة ولديها أرقام متحفية بمعنى إن لديها هوية، إذا ظهرت أو عرضت في أي مكان بالعالم يعرف أنها جُلبت من السودان، ويزيد قائلا، هذه التحقيقات محاطة بنوع من السرية للحفاظ على نجاحها وتقدمها للأمام، مؤكدا دور منظمات المجتمع المدني بمختلف مسمياتها ومهامها وهي تمثل صوت الناس دورها ان تركز مع الإدارات الرسمية في توضيح أهميتة الآثار وتنادي بضرورة استردادها في كل المنصات الممكنة خصوصا السوشيال ميديا.

تدمير الهوية
ويذكر د. سامي، أن حجم الخسائر والمفقودات لا يقدر بثمن لأنه إرث قومي وعالمي ويؤطر ويؤصل لحضارات قامت في هذه البلاد قبل الحضارات منذ العصور الحجرية حتى العصور الإسلامية، حجم المفقودات إذا لم يتم التحصل عليها فستكون فقد كبير جدا جدا فهي تثبت إن السودانيين متمثلين في فترات تاريخية مختلفة وكانوا أشخاص قويين جداً، وأصحاب حضارة وأصحاب هوية مؤصلة استطاعت إن تؤثر وتتأثر بالحضارات الأخرى الموجودة حولها، على مستوى المناطق القريبة أو العالم أجمع، وزاد الأمين، من الواضح أن الحرب الحالية حرب لطمس الهوية السودانية فيما يتعلق بجانب الآثار استطيع تأكيد هذا الشيء، لأن تدمير الآثار والتراث واحدة من الأشياء التي يقوم بها شخص سوداني، لا يمكن أن اطمس هويتي وادمر تاريخي وامحوا الأثر الخاص بي الذي خلفه أجدادنا فمؤكد لديها تأثير كبير، وفي الوقت عينه، طمأن السودانيين إن الآثار التي لا زالت موجودة شاخصة وفي بعض المواقع ستظل حاجة واضحة على تأكيد الهوية السودانية ويمكن إن تكون سبب في ازجاء روح السلام والوحدة لي قدام بالنسبة للقبائل والاثنيات المختلفة لأن السودان سودان الجميع والحضارة حضارة الجميع بدون تفاصيل قبلية واثنية، ويزيد هناك اقاويل بأنه اجزاء منها خرجت خارج البلاد، لكن لا توجد معلومات مؤكدة بنسبة 100% حتى الآن لم يستطيع شخص من طرفنا أو من طرف الجيش السوداني إلى المتحف القومي ليقييم الأضرار.

مهددات ماثلة
يشير الأمين، إلى أن هناك تعديات كبيرة جدا منها التمدد العمراني والزراعي على مواقع مسجلة في التراث العالمي مثل جبل البركل النازحين من الخرطوم اي شخص يريد بناء منزل خاص به واي شخص لدية قطعة أوقف الاثار البناء بأمر المحكمة حاليا يقوم بفتح القضية والاستئناف الادارات المحلية لا تستطيع مساعدتنا بصراحة يقومون بتوزيعها قطع سكنية داخل حرم مواقع الأثار وهي واحدة من المشاكل والمهددات الكبيرة جدا وتساوي التدمير الذي يمكن ان تسببه الحرب لان هناك مواقع مثل جبل البركل لو تم بناء مساكن يكون مهدد بانه يشطب من قائمة التراث العالمي ودي خسارة كبيرة جدا.

تلف عفوي!
وشكى المدير الإقليمي بالشمالية، من وجود أثر غير المباشر في المناطق لا توجد بها مواجهات مباشرة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، مثل ولاية نهر النيل والشمالية موجود فيها معظم الآثار الصروحية المسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، فالشرارة الأولى للحرب انطلقت من منطقة مروي حول المطار وانتقلت الحرب إلى العاصمة الخرطوم، لم يحدث أضرار واضحة وقتها ولكن التأثير غير المباشر حدث في المواقع الأثرية بسبب الكميات الكبيرة للزوار للمناطق الأثرية بحكم قيام الحرب في الخرطوم ودارفور، والجزيرة مؤخرا هناك أعداد كبيرة جدا من النازحين الذين وفدوا للولاية الشمالية، بعضهم جذورهم من المنطقة وآخرين لا علاقة لهم بالمنطقة عدا أنها منطقة آمنة، مثالا لذلك جبل البركل، وهو أحد المواقع الكبيرة جدا ومسجل في قائمة التراث العالمي من 2003م. وهو بقية مواقع إقليم نبتة التي تضم موقع (اهرامات نوري واهرامات الكرو وموقع جبانة الزومة، وموقع سنام اب زوم)، المواقع غير جاهزة لزيارات بأعداد كبيرة فالوافدين يقومون بزيارات كبيرة خصوصا أيام العطلات، فعدم وعي الناس بأهمية الآثار أدى إلى تلف كبير في بعض المواقع وهو شيء غير مقصود متأكدين من ذلك ولكن نعزوها لعدم الوعي بالاهمية.، كذلك تأثير تغير المناخ والزيادة الواضحة في نسب الأمطار في الولاية الشمالية أدت إلى تأثير كبير في المواقع الصروحية مثل نوري وجبل البركل، فالحرب جعلت له تأثير قوي حيث توقف الدعم المالي لمواجهة مثل هذه المشاكل وعدم تمكن الكوادر الفنية الخارجية لمساعدتنا في مجابهة هذه المخاطر واصبح غير متاح لها الوصول بسبب الحرب هناك مساعي حثيثة لمحاولة تخفيف الأضرار غير المباشر على الآثار.

أذمة الهوية قومية
لا يعكس فقدان التراث خسارة تاريخية فقط، بل يُعمّق أذمة الهوية القومية في بلد يبحث عن استقراره وسط النزاع، وفي ذات السياق يشير مدير مكتب الآثار الإقليمي ولاية نهر النيل، د.محمود سليمان محمد بشير، إلى أن فقدان القطع الأثرية والمقتنيات الخاصة بمتحف السودان القومي، هو طمس لمجهود لأعمال أثرية حقلية خلال قرن من الزمان، والقطع الأثرية التي كانت بمتحف السودان القومي وبمخازن المتحف هي آلاف القطع الأثرية وبالتالي فقدها فقد لعنصر رئيسي من عناصر الثقافة السودانية كان يمكن أن يؤدي دور كبير لو تم الاستفادة منه، وفقدها يؤثر تأثير كبير على هوية الشعب السوداني لأنه واحدة من الدلالات التي تستخدم لربط الثقافات القديمة في السودان مع الثقافات الحية حاليا وكان مشروع عمل ضخم فيما يخص الهوية السودانية التي عانت ما عانت من خلال التضارب في الآراء والاتجاهات والمناهج التي تحدثت عن الهوية السودانية اغفلت للأسف جانب الآثار وربط الحضارة القديمة بالإنسان الحالي وكيف يمكن للمشتراكات الثقافية التي كان بإمكانها أن توحد السودانيين بحدوده الجغرافية المعروفة والدلائل الأثرية على الوحدة الثقافية السودانية واضحة من خلال النقوش الموجودة في المعابدة والاهرامات لكن لم يتم تسليط الضوء عليها وتوظيفها بالشكل الأمثل على اساس إنها تلعب دور لربط السودانيين مع بعضهم البعض وأن يكونوا فخورين بالأصل الواحد أو الجذور التي ينحدرون منها وأن يكونوا فخورين بالحضارات القديمة الكانت منتشرة في السودان، والانتماء للحضارات القديمة للأسف في السودان ضعيف إلى أبعد الحدود والأغلبية تنسب نفسها أو ترى أن بداية السودان كأنها مربوطة بدخول الإسلام والعرب وقبلها لا يوجد أي انتماء أو فخر بالحضارات القديمة.

النقعة والمصورات
امتدت رقعة الحرب شمالا لمواقع متاخمة للخرطوم، حتى المواقع التابعة لمواقع التراث العالمي حيث تعرضت منطقة النقعة والمصورات جنوب ولاية نهر النيل في يناير 2024م إلى تعدي من قوات الدعم السريع، وصوروا بعض الفيديوهات داخل الموقع الأثري مما خلق مجموعة من ردات الفعل من اليونسكو في شجب وادانة لهذا الحدث، و تم ردع القوة تلك بواسطة القوات المسلحة السودانية وتم اخلاء الموقع وتأمينه لم يحدث ضرر بالنسبة للمعابد الموجودة لكن بلا شك قد يكون على مستوى القطع الأثرية مثلها ومثل المتاحف بولاية الخرطوم، وذكر أن هناك أضرار غير مباشرة ناتجة عن النزوح من مناطق النزاع وزيادة التعداد السكاني للاجزاء المتاخمة للمناطق الأثرية، هنا مشكلة الأساسية في الزيارات غير المسيطر عليها والمردود السالب من زيارات النازحين من الخرطوم ومناطق أخرى وسكنوا بالقرب منها، ما أحدث تعديات كثيرةمتمثلة فب التغول على حدود المناطق الأثرية من خلال التوسع في النشاط الزراعي والسكني.

لعبة القدر
اضافة إلى الاكتشافات الأثرية التي تمت عن طريق الصدفة بسبب التوسع وحركة التعمير الكبيرة في القرى المتاخمة للمناطق الأثرية غير المعروفة، مثلما حدث في منطقة البجراوية حيث تم اكتشاف مقابر تم العثور عليها داخل القرية واكتشفت عن طريق الصدفة لان الناس بدأت تبني مباني جديدة والحفر لأساسات والحمامات والآبار ظهرت العديد من المواقع الأثرية وهي تعتبر اضافة حقيقية لكن خلال تشيد المباني تدمرت جزئيا لكن على الاقل كشفت عن وجود مواقع اثرية تحت القرى الحالية المأهولة بالسكان.

استعادة العافية
لم يكن من السهل الوصول إلى المتاحف القومية بالخرطوم حيث إنها تقع تحت مرمى النيران، ووصف ممثل الهيئة العامة للآثار والمتاحف المكلف جمال محمد زين العابدين الآثار، إن المواقع الأثرية بمنطقة أمدرمان غربي مباني هيئة الإذاعة والتلفزيون “بوابة عبدالقيوم” أنها لم تصب بأي ضرر وهي بحالة جيدة، أما “البوردين والطابية” الواقعة على النيل الأبيض وتطل على جزيرة توتي، لم يتمكن الفريق من الوصول نسبة للتوجيهات الأمنية لوجودها بالقرب من النيل في مواجهة الجزيرة.
في ذات السياق قال ممثل هيئة الآثار إن السرقة التي وقعت ب”بيت الخليفة” تعرض المتحف للتدمير لبعض مبانيه وتكسير دواليب العرض وسرقة أهم آثاره، من قبل “مليشيا الدعم السريع” ومن أهم الآثار التي سرقت هي “سيف الإمام محمد أحمد المهدي قائد الثورة المهدية”، و”سيف الأمير عبدالرحمن النجومي” و”سيف الأمير ابوقرجة” و”كأس خاص بشرب الخليفة عبدالله مصنوع من قرن وحيد القرن ويقال أن به مفعول لابطال السم” وأيضا تمت سرقة انواط ونياشين ونجوم خاصة بالجنرال غردون باشا وكثير من العملة التي كانت تستخدم أثناء حكم الدولة المهدية وبعض الأسلحة النارية من بنادق ومسدسات ومذكرات يوسف ميخائيل عن الإمام المهدي وخليفته عبدالله، وخلال جوابه على سؤال المحررة حول المعروضات الأثرية التي ظهرت على مواقع تجارة عالمية وما إن كانت من المفقودات ذكر زين العابدين أنه من ناحية العاملين في مجال الآثار لا يخطر ببالهم موضوع تقييم الآثار ماديا لكن هناك دائما تجارة غير مشروعة يكون ليها ثمنها علي حسب نوع وشكل القطعة رغم إن تقيم الاثاريين يختلف عن ذلك.

الحرب والنزوح
ويرى خبير الآثار د. فوزي حسن بخيت خالد، أن الحروب والنزاعات تعتبر من أكثر العوامل التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالتراث الثقافي بكل اشكاله، لكن بصورة مباشرة نجد أن المواقع الأثرية والمتاحف هي الأكثر دمارا.كما إنها تعطل مسيرة البحث الأثري العلمي وسيصبح أمر كتابة التاريخ الثقافي للشعوب المحتلة أمر في غاية الصعوبة، ويجد فوزي خلال دراسة له على مجلة الفلزم للدراسات السياحية والآثارية بالعدد الثاني بعنوان “الحروب والنزاعات بالسودان” إن الحروب والنزاعات المحلية التي شهدها السودان والعالم العربي من حولنا في الآونة الأخيرة قد ألحقت الضرر بمصادر التراث الأثري المنقول وغير المنقول حيث يجد الكثير من ضعاف النفوس الشرعية في التعدي على المواقع الأثرية والمعالم التاريخية. كذلك فقد استخدمت بعض المواقع الأثرية كقواعد عسكرية، تظل قضية جهل وضعف الوعي الآثاري عند المواطن من القضايا الهامة والتي تواجه، ويضيف أن ما تم رصده في الوقت الحالي خلال هذه الحرب من غياب السلطة القانون هو مجملا كبير في تدمير كل البنية التحتية والهجرات الجماعية ارتفاع معدل النهب والسرقات، بالإضافة إلى المشاريع الاقتصادية غير المدروسة ومن غير تنسيق بين الوحدات الحكومية المختلفة مع إدارة الآثار.

خطط ترميم
بينما تعمل اليونسكو وبعض المنظمات السودانية على وضع خطط للترميم، تظل العقبات السياسية والأمنية حجر عثرة أمام تحقيق هذه الجهود، مستشار الثقافة بمكتب اليونسكو بورتسودان د.عبدالرحمن علي محمد يؤكد أن “اليونسكو” تحاول تنسيق الجهود لحماية التراث عبر تعزيز التعاون مع المنظمات المحلية والدولية رغم القيود المفروضة على الأرض.
ويضيف إن الحفاظ على هذا التراث في ظل الحرب والكوارث الطبيعية يشكل تحديًا كبيرًا، لكنه ضروري لضمان استمرارية الثقافة السودانية للأجيال القادمة. هناك حاجة ماسة إلى دعم دولي ومحلي للحفاظ على هذا التراث في وجه التهديدات المستمرة، وخاصة في مواجهة عمليات النهب والاتجار غير المشروع، في ظل الفوضى والنزاع، حيث نشطت عمليات الاتجار غير المشروع بالآثار السودانية بشكل كبير. تم تهريب العديد من القطع الأثرية عبر الحدود السودانية وبيعها في الأسواق الدولية، فضلاً عن عرضها عبر الإنترنت من خلال شبكات تهريب متخصصة. هذا الأمر يشكل تهديدًا خطيرًا لتراث السودان الثقافي المادي، ويصعب تعقب أو استعادة هذه القطع بعد خروجها من البلاد.

تهديد بالاندثار
ويشير د. عبدالرحمن إلى تأثير الحرب على التراث الثقافي غير المادي “التراث الشفوي والعادات” مع استمرار الحرب وتفاقم النزوح، بات التراث الثقافي غير المادي مهدداً. المجتمعات التي كانت تحافظ على تقاليدها وعاداتها الشفوية فقدت قدرة الحفاظ على هذه العناصر نتيجة التفكك المجتمعي والنزوح القسري، وأن أكثر من 67 لغة محلية تتحدث بها مجتمعات مختلفة مهددة بالاندثار، فالحرب أدت إلى نزوح جماعي، مما زاد من احتمالية فقدان هذه اللغات. المجتمعات التي حافظت على لغاتها وتقاليدها باتت الآن مشتتة في مناطق النزوح أو اللجوء، وأوصى أن تعزز المنظمات الدولية جهودها لدعم التراث الثقافي السوداني بالتعاون مع المنظمات المحلية، و
تطوير استراتيجيات الحماية في أوقات النزاع: يجب تطوير استراتيجيات خاصة بحماية التراث الثقافي أثناء النزاعات المسلحة، مع التركيز على تأمين المواقع الأثرية والمتاحف، واللتصدي لعمليات الاتجار غير المشروع لمنع تهريب القطع الأثرية السودانية واستعادة ما تم تهريبه بالفعل. التعاون مع منصات الإنترنت لمراقبة ومنع بيع الآثار عبر الشبكة العنكبوتية يعتبر أيضًا ضروريًا.

سلسة إجراءات
وعن دور الحكومة في حماية الآثار أوضح وزير الثقافة والإعلام السابق د. جراهام عبد القادر الدولة اتخذت سلسلة من الإجراءات عبر هيئة الآثار والمتاحف ورئاسة الوزارء والشركاء لتأمين المتاحف في الولايات الآمنة وتم تكوين لجان طوارئ بشأن حماية الاثار والتواصل مع الدول والمنظمات ذات العلاقة.

تقديرات أولية
ووفق لحديث د. جراهام فأن جملة التقديرات الأولية بلغت أكثر من (110) مليون دولار للمباني ومعينات العرض، هذا بخلاف المقتنيات الأثرية التي لا تقدر بثمن لأنها تجسد حضارة البلاد وتاريخها وهي الأهم، وفي ذات السياق ذكر تضرر المتاحف القائمة بالولايات التي دخلتها مليشيا الدعم وكشف عن قصف المباني ونهب المتاحف في كل من ولاية ( الخرطوم والجزيرة وجنوب دارفور وغرب دارفور) بالإضافة لقصف مباني متحف “علي دينار” بالفاشر ومتحف “شيما” بشمال كردفان، وشمل النهب والتدمير بالخرطوم المتحف القومي والمتحف الاثنوغرافي ومتحف التاريخ الطبيعي ومتحف بيت الخليفة ومتحف القصر ومتحف الفولكور بالاضافة للمتاحف الخاصة، مؤكدا أن هناك العديد من المباني الأثرية التي تعرضت للقصف.

وبالرغم من الجهود المبذولة لتدارك حجم الكارثة يجب مراعاة أن مسئولية حماية التراث الثقافي المادى هي عملية تشاركية بين الجميع.