رصد _ اخبار السودان
بيان السودان أمام جلسة الجمعية العامة بشأن الفيتو الروسي حول مشروع القرار الخاص بالسودان في مجلس الأمن الدولي
السيد الرئيس السيدات و السادة ؛
ـ يعبّر السودان عن تقديره للسيد رئيس الجمعية العامة لعقد هذا الاجتماع لشرح موقفنا من مشروع القرار الذي لم يعتمده مجلس الأمن في 18 نوفمبر الجاري.
لقد شارك السودان على مدى أسابيع في مناقشات بناءة مع كافة الأطراف المعنية من أعضاء مجلس الأمن، بروح من حسن النية والحرص على الوصول إلى قرار توافقي يضمن حماية المدنيين ويحترم مبادئ السيادة والاستقلال وعدم التدخل في الشئون الداخلية.
و خلال المداولات ، أكد السودان بشكل واضح وثابت أنه لن يدعم أي قرار قد يمس سيادته الوطنية أو يقوض سلطة حكومته، مع رفضنا المبدئي للتدخلات الأممية و الدولية بمختلف المسوغات.
إن حكومة السودان و شعبه يتطلعون إلى اعتماد دينامية ايجابية لمجلس الأمن ويطالبون باصطفاف الدول الكبرى ضد الإرهاب الذي تمارسه مليشيا الدعم السريع و مرتزقتها و الدولة الخليجية الراعية لحرب العدوان على السودان الذين يدمرون السودان بشكل ممنهج منذ 18 شهراً ، لأن التراخي في ذلك بعد المسلسل الدامي الذي ينفذونه في السودان يعتبر تواطئاً صريحاً
و مما يدعو للأسف الشديد، بل وللغضب المشروع، أن بعض أعضاء المجلس، خلال المفاوضات حول مشروع القرار، تجاهلوا الأدلة الواضحة على تجاوزات مليشيا الدعم السريع، بل وامتنعوا عن دمغها بالإرهاب و كمليشيا إجرامية تمارس الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية و جرائم الحرب بحق المدنيين العزل.
إن التردد في تسمية الأمور بمسمياتها يعكس ازدواجية معايير لا يمكن قبولها، خاصة عندما يكون الثمن حياة الأبرياء ومستقبل أمة بأكملها.
إننا نرفض تحويل عملية الجهود الدبلوماسية لحل النزاع إلى وصاية دولية تدفع إليها بعض الروافع الدولية لغاية تخصها ولا صلة لها بتحقيق السلام و وقف الحرب و لا تمنع إرسال شحنات السلاح بأجياله الجديدة إلى المليشيات، وإدانة استخدام العصابات المسلحة و الإرهابية من الساحل و دول الجوار في إنتهاك صريح للميثاق و ارتكاب الفظائع في السودان و تشريد أهله و إحلال مهجرين ليحتلوا مساكن المواطنين ، بل و استخدام الذكاء الاصطناعي ضد سلامة الأراضي السودانية
ننبه إلى مخاطر المرتزقة الرقميين الناشطين مع دول العدوان وراعيها في الهجمات المنظمة ضد الأمن القومي. بالإضافة إلى المرتزقة عابري الحدود (المجموعة المهربة عبر جنوب ليبيا وكشف عنها الأسبوع الحالي وتضم مرتزقة من كولومبيا).
كما لاحظنا تواطؤ مليشيا الدعم السريع مع حليفها السياسي بتوسيع رقعة العمليات ضد المدنيين وهم ليسوا أهدافاً عسكرية، ولكن الهدف هو إعطاء المبرر للتدخل الأممي والدولي بحجة حماية المدنيين مع أن ذلك يكشف عن ضعف الحجة وكان بإمكانهم الضغط على الراعي الإقليمي لوقف شحنات الأسلحة.
منذ عام 2003 استقبل السودان 7 بعثات سلام مختلفة وعقد مجلس الأمن 513 اجتماعاً عن السودان 52 منها تم عقده منذ أبريل 2023م ولم يتحقق السلام وحجبت الدول الكبرى والمانحين تمويل خطة حماية المدنيين المتوافق عليها في عام 2020. ولم يتم الاهتمام بتحييد حدة الاستقطاب السياسي حول الاتفاق الإطاري الذي تم استخدامه لتفكيك القوات المسلحة لتغيير الوضعية السياسية بدون خوض انتخابات.
لقد كشف أحد مستشاري قيادة مليشيا الدعم السريع أن هناك مشروعاً ضخماً لتقسيم السودان وعسكرة البحر الأحمر تقوده 5 دول كبيرة ضمن أجندتها الإستراتيجية مما أدى لاندلاع الحرب. وأن هذا المشروع وجد الدعم المشترك من قوى سياسية سودانية ومليشيا الدعم السريع.
عليه، فمن غير المقبول أنه، وبعد مرور أكثر من 18 شهراً على بدء هذا العدوان المدمر، لا يزال بعض أعضاء مجلس الأمن يسيئون فهم جوهر الأزمة في السودان، ويرفضون الاعتراف بالحقيقة الجلية بأن مليشيا الدعم السريع هي الطرف الرئيسي المسؤول عن هذا الصراع، والتي تتلقى الرعاية العسكرية و المالية و الإعلامية و الدبلوماسية من دولة خليجية معروفة لديكم، لم تكتفِ بتهديد حياة الملايين من المدنيين السودانيين، بل عرضت المنطقة بأسرها لخطر حرب إقليمية قد تكون عواقبها وخيمة على السلم و الأمن الدوليين
إن السودان يعرب عن أسفه العميق لعدم اعتماد لغة توفيقية ، اقترحها بعض أعضاء المجلس بحكمة و حرص ، والتي كان من الممكن أن تقرب وجهات النظر و تسمح بتبني قرار متوازن.
كان من شأن ذلك أن يعزز تنفيذ التزامات جدة ويضع إطاراً عملياً للتعامل مع الأزمة ، بدلاً من أن يُفسر كتشجيع لمليشيا الدعم السريع على الاستمرار في أفعالها.
أيها السادة؛
في يونيو الماضي، وجّه مجلس الأمن، من خلال قراره 2736 ، نداءً صريحاً لمليشيا الدعم السريع لوقف هجماتها على المدنيين الأبرياء والمدن السودانية.
و مع ذلك، فإن هذه المليشيا، و باستهتار واضح وإصرار على العنف، تجاهلت هذا القرارة، و استمرت في ارتكاب الفظائع بحق شعبنا، مما أدى إلى تدهور الوضع الإنساني و زيادة معاناة الملايين.
لقد كان مشروع القرار الذي جرى استخدام حق النقض ضده يحمل في طياته رسالة خطيرة للمليشيا، مفادها أن بإمكانها تجاهل قرارات مجلس الأمن و الاستمرار في أفعالها الإجرامية دون أن تواجه أي عواقب.
إن السودان يدعو المجلس، بدلاً من اقتراح قرارات جديدة قد لا تضيف جديداً، إلى اتخاذ موقف واضح و صريح يطالب مليشيا الدعم السريع بالامتثال الفوري وغير المشروط لالتزامات جدة والقرار 2736.
هذا هو الحد الأدنى من المسؤولية التي يجب على المجلس أن يتحملها لضمان استعادة السلم والأمن في السودان و المنطقة
