.
لا خلاف علی ضلال فهمنا للغاية الرئيسة من الانتماء الحزبي عبر تاريخنا السياسي – فأقدم أحزابنا هذه تكونت أول ما تكونت في أحضان العشائرية و الطائفية و لم يكن أمامها إرثاً مؤسسياً و علی أثرها جاءت الحديثة منها مستوردة بحذافيرها و قياسات ثقافات الشعوب التي نُقلت عنها فلم يكن أمام هذه و تلك غير ممارسة عصبية الانتماء السياسي علی نهج الجاهلية :
( أنا من غزيّةَ إنْ غزت غزوتُ و إن ترشُد غريّةُ أرشدُ )
علی هذا النسق تأسست في عقلنا الجمعي تعاليم البيعة علی الإنتماء بل و تأصلت بها سنن التوريث و التركات – سواء كان لبيوتات حزبية أم اتباعاً لمشيخة أو طائفة و هكذا في شأن الانتماء إلی نادٍ رياضي أم نعرة جهوية أم قبلية بل حتی إذا كان إلی مدرسة أدبية أم فنية ، و هذه ظاهرة قديمة لم يسلم منها عصر و لا شعب في هذا الكوكب – إلا أنّ المدهش فيها – أن تجد بعضاً من الذين يطرحون أنفسهم مثقفين و متعلمين أو كتاباً و متحدثين ، يصابون بداء السذاجة هذا فيساوي بينهم و بين العامة و النماذج كثيرة
ما وراء هذه المقدمة ..
أنني حاولت الإمساك عن التعقيب علی بوست للأستاذة الصحافية Rasha Awad كما أفعل دائما مع أمثال طرحها في كتابات بعض الناشطين علی اختلاف مواقفهم من هذه الفتنة الكارثية ، و قبل أن تجتهد هي أو غيرها في تصنيفي قبل استيعاب فرضية هذه المداخلة – أختصر عليهم الجهد و أقول : إنني مع مقاومة الاعتداء مطلقاً و هذه هي الفطرة الغريزية في سآئر الكآئنات الحية الرفيعة منها و الوضيعة .
الأستاذة رشا في مقالتها هذه تسخر من فرحة الشعب بما مُنی به المعتدي من هزائم ..
بل و تتساءل لماذا يحتفل الشعب !!؟؟ تتساءل لماذا بعد أن ذاقوا المذلة و تحول الوطن إلی خرابة لماذا يفرحون و يرقصون ؟؟ هكذا بالنص .
هذا التساؤل منها في رأيي لا يعدو أن يكون سوی إصرار علی الالتزام بخيارات انتمائها الحزبي حتی و لو كان مناطحاً للمنطق في محاولة لحفظ ماء الوجه و من باب التعنت و المناكفة ليس إلا هنا : ينجلي بوضوح اللبس عندها بين السلام و الاستسلام .
بين بعض الشعوب شرق الأوربية مقولة متعارفة تتداول من باب السخرية ترجمتها : ( إذا تعرضتِ لمحاولة اغتصاب حاولي أن تقاومي و إذا يئست من المقاومة فحاولي أن تستمتعي . )
هنا : تتلخص الإجابة علی تساؤلات الأستاذة لماذا يفرحون ؟؟ بدهياً فرحوا و رقصوا لأنهم لم ييأسوا من مقاومة العدوان و لأنه ليس في تكوينهم الأخلاقي أصلاً الخنوع ناهيك عن الاستمتاع به .