لواء ركن أسامة محمد احمد عبد السلام يكتب اتفاق حمدوك والحلو وعبد الواحد نور

ينظر المراقبون للتطورات السياسية والعسكرية في السودان لهذا الاتفاق بكثير من الريبة والشكوك من حيث التوقيت ومن حيث المحتوي ومن حيث الأطراف ومن حيث المسّهل، ولا يمكن الجزم بوجود (نوايا حسنة) تجاه تخليص البلاد من أزمتها الحالية أو على الأقل المساهمة في هذا الاتجاه، فمن حيث التوقيت غادر عبد العزيز الحلو جوبا ولما ينفض سامر التفاوض بين الحركة الشعبية شمال برئاسته والحكومة برئاسة الفريق أول شمس الدين كباشي بوساطة جنوب سودانية بشأن ما عرف (بالعمليات الإنسانية)، والمقصود به فتح ممرات لإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في النيل الأزرق وجنوب كردفان والتي اشترط الحلو فيها وجود وقف دائم لإطلاق النار وتوسيع الاتفاق ليشمل كل السودان، وقد عاد الكباشي لجوبا خلال فترة لا تتجاوز الأسبوع لتسريع التفاوض وإنجاز مطلوباته ليتفاجأ الجميع بوجود الحلو في نيروبي للتوقيع على هذا الاتفاق المشبوه، فأيهما كان أولى بالإنتهاء والفراغ منه وأي احترام للجهة التي تتفاوض معه هذا الذي أبداه الحلو؟؟
من حيث المحتوى كل ما طرح في الاتفاق أمور خلافية لا تستطيع جهة ما مهما كانت أن تفصل فيها وقد ظلت مثار شد وجذب بين القوى السياسية بعد ثورة ديسمبر، وأي جهة تحاول أن تنفرد بالقرار بشأنها ليس لديها تمثيل سياسي من خلال صندوق الانتخابات تعتبر إمعان في الدكتاتورية وفرض رؤية محددة، هذا فضلاً عن ان هذا الطرح يصادم في مجمله هوي معظم السودانيين، وقد أضاف ظهور حمدوك الذي أصبح مغضوباً عليه في الاتفاق مزيد من الاستهزاء والغضب في آن واحد حيث يعتبر أحد مناصري الدعم السريع عبر واجهة تقدم.
أما من حيث الأطراف فهذه الأطراف الثلاث أصلاً متفقة في كل هذا المسائل التي طرحتها فكيف تتفق على شيء متفقة عليه أصلاً؟ كل هؤلاء من مدرسة سياسية يسارية معلومة للسودانيين ليس لها حظ في الممارسة السياسية التي تنفع الناس، الحركة الشعبية ظلت تقاتل الحكومة وتقصف المدنيين وتتعنت في الوصول لسلام اشترطت فيه تطبيق العلمانية فهل ستصل لما فشلت فيه عبر البندقية لتحققه عبر اتفاق نيروبي؟ عبد الواحد نور ظل يطرح ذات الرؤية ويحمل السلاح ضد الحكومة دون تحقيق انتصارات عسكرية تذكر.
من حيث المسهل المستضيف وهو الرئيس الكيني وليم روتو فالرجل مصر على التدخل السلبي في الشأن السوداني ويصر على (دس أنفه) في شؤون السودانيين عبر التآمر مع حلفاء إقليميين خليجيين للدعم السريع، وقد حاول عبر الإيقاد تحقيق بعض المكاسب لشريكه التجاري وداعمه مالياً للفوز في انتخابات الرئاسة حميدتي ولكنه لم يفلح، السودان مدرك للدور المشبوه لكينيا ومحاولتها خدمة أجندة أعداء السودان.
في النهاية هذه الورقة لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به وهدفها إيجاد متنفس للضغط السياسي والعسكري الكثيف للمليشيا التي تعتبر الآن في أضعف حالاتها، لن يتحقق سطراً واحداً مما كتب طالما أن القوات المسلحة تقاتل هذا المشروع الجنجويدي بكل أوتيت من قوة وخلفها شعب السودان بأكمله.