“عطشان مثل روح تجف
وقد هدموا البيت فيَّ علينا،
عليكَ، عليه، عليها، عليّ
كثيرٌ من الدّم حولي هنا
ولا جرعةٌ من مياه لديّ.
كل حيٍّ هنا ميتٌ يا أبي..
وحدَه الموتُ حيّ.”
ابراهيم نصر الله
بأي لغة يمكن أن تكتب عن يوم الزلزلة بلغة المأساة أم بلغة الدم.ذلك اليوم الذى لم يشهد السودانيون يوما اسودا في تاريخهم مثله ولا اظن اننا في ما تبقى لهذا الجيل من سنوات على وجهة البسيطة متاح له أن يشهد حدثا أكثر فجيعة مما شهدناه منذ 15 أبريل إلى الآن.
كانت الخرطوم نائمة والبركان يغلى بجوفها ونذر الشرر تتطاير فوق سمائها ولكن لم تتخيل في أسوأ كوابيسها انها ستصحو يوما على بركان يقذف حممه في أرجائها فيتبعثر هدئها وينسف وداعتها أن وجحافل من همج رمت بهم الصحارى جنة المأوى يعيثون فسادا بكل شى ، حاضرها، تاريخها ، ثقافتها، متاحفها، فنها، كل شى استبيح لم يتبقى شيء لم يدنسوه وينهبوه سوى روحها…
..استلت الخرطوم من تجاربها مع الغزاة والهمج التى عرفتهم في تاريخها البعيد أمضى ماعندها من سلاح وهو الصمود..رغم الخيانة والتآمر ، صمدت الخرطوم ودافعت عن نفسها ولم تستسلم ودافعت لأكثر من عام عن كرامتها ولازالت وترنو لوقت قريب تعود فيها نغنى “يا الخرطوم يا العندى جمالك ..
طول عمرى ما شفت مثالك
يا وطني يا بلد أحبابى فى وجودى احبك وغيابى
ولكن صنعت تلك الجميلة صمودها الأسطوري …؟ هذا ما حاولنا الاجابة عليه في العدد الذى خصصناه بالكامل للحدث الأهم في تاريخ السودان الحديث من خلال الرصد والتقرير والتحليل والتوثيق .نأمل أن نكون قد وقفنا.
فيما ارى _عادل الباز _وحدَه الموتُ حيّ
