تقرير- الطيب عباس
أخذت خلافات شركاء سلام جوبا بعدا إقليميا عقب استنجاد 4 أطراف من مكونات الاتفاقية بلجنة الوساطة الجنوب سودانية لحسم الجدل حول الحقوق والواجبات في بنود الاتفاقية، التي رعتها دولة جنوب السودان في 2020
ويطالب كيان الشمال الذي يرأسه محمد سيد أحمد (الجاكومي) وحركة تحرير السودان – المجلس القيادي قيادة علي شاكوش بجانب حركة تحرير كوش قيادة أسامة دهب والجبهة الثالثة تمازج قيادة عكاشة سليمان، يطالبون بتنفيذ اتفاق سلام جوبا كما نص دون نقص أو زيادة كما جاء في مسار اتفاق القضايا المصيرية.
مذكرة للوساطة:
هذه المكونات الأربعة دفعت أمس السبت، بمذكرة لرئيس لجنة الوساطة الجنوب سودانية وأخرى لرئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، تطالب فيها باستدعاء اللجنة.
ورغم أن مراقبون أكدوا أن رئيس مجلس السيادة قد لا يدخل في أزمة شركاء جوبا، لكن من غير المستبعد أن يطلب مشورة لجنة الوساطة لحسم الجدل الذي عطل بدون شك تشكيل الحكومة الإنتقالية في السودان.
هل قرار اللجنة ملزم؟:
تستند الأطراف الأربعة صاحبة الشكوى على وضوح وشفافية بنود اتفاق جوبا، التي تنص بوضوح على أن الاتفاقية التي وقع عليها 14 تنظيما تعتمد بشكل واضح مبدأ الشراكة في السلطة ممثلا في تمثيل لثلاثة من أطراف العملية السلمية في مجلس السيادة ومشاركة نسبة 25% في مجلس الوزراء، وأوضحت الأطراف الأربعة في مذكرتها أن هذا البند كان ركيزة أساسية لضمان الشمولية وإشراك جميع الأطراف، وهو ما ترفضه المجموعة الأخرى التي تسيطر على مناصب المجلس السيادة ونسبة من مجلس الوزراء.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا، من هي الجهة التي تملك حق تنفيذ قرار لجنة الوساطة حال جاء في صالح الأطراف الأربعة، وهو المتوقع عقب تصريحات سابقة لرئيس اللجنة يؤكد فيها أحقية جميع الأطراف في المشاركة في السلطة الإنتقالية في السودان.
ويولد هذا السؤال، سؤالا آخرا بشأن تماسك قرار لجنة الوساطة الجنوب سودانية، وهل هو ملزم للأطراف الأخرى أم لا .
تباين الأراء:
وفق مراقبين، فإن قرار لجنة الوساطة غير ملزم ولا يعني مجموعة مناوي وجبريل كثيرا، لأنهم لم يكونا طرفا في تقديم المذكرة ولم يحتكما للجنة من أساسه، وبالتالي فإن القرار لا يعنيهم كثيرا، ولن ينفذاه، حيث ترى هذه الفئة، أن الاتفاق يساوي بين المجموعة التي تملك جنود على الأرض وثقل سياسي وعسكري بمجموعة أخرى لا تمتلك جندي واحد كالتوم هجو والجاكومي وغيره.
مصادر داخل تحرير السودان، أشارت إلى أن الاتفاقية تحدثت عن التمثيل في الحكم الولائي بالنسبة لمسار الشمال والوسط والشرق، وأن التمثيل المركزي مقتصر بالضرورة على القوة المؤثرة والرئيسية وليس القوة التي ألحقت باتفاق سلام جوبا.
تدخل البرهان:
الوساطة بحسب مراقبين قد لا تكون الجهة التي تحسم تشاكس الشركاء، لكونها ستقدم ايضاحات فقط حول البنود الملتبسة في الاتفاقية سيما المعنية بالأنصبة في الحكومة الانتقالية، وهذه الإيضاحات لن ترقى أبدا لقرارات ملزمة مثلما ترغب الأطراف المتضررة.
ويرى المراقبون، أن مثل هكذا خلافات حول نصوص اتفاقية طرفا فيها حكومة السودان كان يمكن حلها عبر المحكمة الدستورية صاحبة القرار الملزم على الجميع، وفي ظل غياب هذه المحكمة، فإن الخيار المتبقي أمام شركاء سلام جوبا، هو تدخل غير خشن من رئيس مجلس السيادة لخلق توافق بين الجميع، تنتهي معه هذه الأزمة لمصلحة الكل وليس أفراد.
تفاهمات شفهية:
مصادر تحدثت عن تفاهمات شفهية جرت خلال جلسات التفاوض في 2020، بمنح وزارة سيادية واحدة على الأقل من الوزارات الممنوحة للحركات، بجانب حصر التمثيل المركزي على القوى الرئيسية الخمسة، وهي العدل والمساواة برئاسة جبريل إبراهيم، تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، الحركة الشعبية شمال بقيادة مالك عقار، تجمع قوى تحرير السودان برئاسة الطاهر حجر وحركة جيش تحرير السودان، برئاسة الهادي إدريس، وأوضحت مصادر أن هذه التفاهمات جرت بشكل شفهي بالتزام من المتمرد حميد.تي الذي كان نائبا لرئيس مجلس السيادة وقتها وعضو المجلس السابق محمد حسن التعايشي، مع منح نسبة من التمثيل الولائي للمسارات الأخرى، وهو الحديث نفسه الذي قاله القيادي بتحرير السودان محمد بشير أبو نمو في وقت سابق.
بالنسبة للجنة الوساطة، التي ستنظر بكل تأكيد في الاتفاقية فهي غير معنية بحسب مراقبين بتفاهمات جرت تحت المنضدة، وإنما ستتقيد فقط بنصوص الاتفاق والذي يتحدث عن أحقية الأطراف الأربعة عشر الموقعين على اتفاق جوبا بالتساوي في حصة المشاركة في السلطة.
ومن هذه الزاوية يرى مراقبين أن لجنة الوساطة ستعقد الأزمة أكثر من حلها، وأن الخيار الوحيد المتبقي هو تدخل رئيس مجلس السيادة برفق للوصول لحلول وسط ترضي جميع الأطراف.