نائب رئيس العدل والمساواة: استهداف الفاشر جزء من مخطط إقليمي لإضعاف السودان وضرب أمن مصر

قال المهندس أبو بكر حامد نور، أحد قادة القوات المشتركة ونائب رئيس حركة العدل والمساواة وأمين إقليم دارفور، إن ما تتعرض له مدينة الفاشر «ليس مجرد معركة عابرة»، بل جزء من «استهداف منظم لإقليم دارفور والسودان كله»، محمِّلاً المجتمع الدولي مسؤولية «الصمت والانحياز» في التعامل مع الكارثة الإنسانية التي تعيشها المدينة.

وأوضح أبو بكر، في حوار مع قناة «البلد» الفضائية، أن الفاشر ليست فقط عاصمة شمال دارفور، بل عاصمة الإقليم كله، وواحدة من أقدم المدن السودانية وأكثرها تنوعاً، مشيراً إلى أنها تاريخياً كانت مركزاً للتواصل مع العالم الإسلامي، ومعبراً للقوافل القادمة من غرب أفريقيا، كما اشتهرت بصناعة كسوة الكعبة في عهود السلاطين، وبكونها عاصمة لدولة مستقلة لها عملتها واقتصادها وعلاقاتها الخارجية.

وأكد أن الفاشر تتوسط إقليماً غنياً بالموارد الطبيعية والزراعية والحيوانية، مشيراً إلى أن دارفور تضم ثروة ضخمة من الإبل والضأن والماعز والأبقار، إضافة إلى الذهب، والنحاس، والصمغ العربي، والحبوب الزيتية، والغابات الطبيعية، فضلاً عن موقع إستراتيجي يجاور خمس دول هي مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، ما يجعلها – بحسب وصفه – «إقليماً مفتاحياً في معادلة الأمن الإقليمي».

وبالعودة إلى اندلاع الحرب في ١٥ أبريل ٢٠٢٣، قال أبو بكر إن عناصر مليشيا الدعم السريع والجنجويد «تمردوا على الجيش واستهدفوا المواطن قبل أي شيء»، عبر احتلال المستشفيات والمدارس والجامعات وممتلكات المدنيين، معتبراً أن الهدف لم يكن فقط السيطرة على السلطة، بل «تفتيت السودان وفصل دارفور وكردفان والشرق وترك دولة قزمية في الوسط»، على حد تعبيره.

وأوضح أن القوات المشتركة، التي جاءت أصلاً نتيجة اتفاقيات سلام لإنهاء التهميش، وجدت نفسها أمام مشروع «لتقسيم الدولة»، فاختارت الوقوف مع القوات المسلحة «رفضاً لأي استهداف للسيادة والوحدة الترابية»، مشيراً إلى أن المواطنين بدورهم شكّلوا قوات إسناد ومقاومة شعبية تحت إمرة الجيش لمواجهة الهجمات المتكررة على الفاشر وغيرها.

وكشف أبو بكر أن المدينة تعرضت خلال العامين الماضيين لمئات المحاولات الهجومية، معتمدة – بحسب قوله – على دعم خارجي سخّر للمهاجمين أحدث أنواع السلاح، بما في ذلك الطائرات المسيّرة والدبابات، معتبراً أن الإصرار على إسقاط الفاشر يرتبط برمزيتها؛ إذ يُنظر إلى سقوطها باعتباره «مقدمة لسقوط دارفور، ومن ثم ضرب السودان كله».

وتحدث عن «تفكك خطير» في البنية الاجتماعية نتيجة تجنيد مقاتلين من خارج السودان، قائلاً إن أعداداً من المقاتلين قدموا – وفق روايته – من مالي وبوركينا فاسو والنيجر وأفريقيا الوسطى وشمال وجنوب ليبيا، إلى جانب مجموعات سودانية «خرجت عن سلطات أهلها وإداراتها الأهلية تحت إغراء المال»، مشيراً إلى استخدام أطفال في أعمار ١٢ إلى ١٤ عاماً في القتال، بعد تزويدهم بالمخدرات، ما أدى إلى «جيل مسلح بلا تعليم ولا أفق».

وفي ما يخص الأوضاع الإنسانية، وصف أبو بكر ما يجري في الفاشر بأنه «حصار مكتمل الأركان»، قائلاً إن المدينة تعرضت لاستخدام «سلاح التجويع والتعطيش ومنع الدواء»، وإن أطفالاً ونساءً يموتون بسبب نقص المياه والغذاء والعلاج، بينما تتعرض حركة النزوح لمجازر على الطرق المؤدية إلى مناطق اللجوء، مثل طريق طويلة. وأشار إلى هجمات استهدفت المخيمات والمساجد والمستشفيات، معتبراً أن ما يحدث «يقترب من منطق الإبادة ومحاولة إفراغ دارفور من سكانها الأصليين».

وانتقد أبو بكر بشدة أداء الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، قائلاً إن المجتمع الدولي «يكيل بمكيالين»، إذ سُمح – بحسب قوله – بمرور آلاف الشاحنات عبر بعض المعابر إلى مناطق سيطرة المليشيات، بينما لم تصل شاحنة واحدة إلى الفاشر المحاصرة، مضيفاً أن إدانة الهجمات على قوافل الإغاثة «تأتي بلا تسمية للفاعلين ولا إجراءات رادعة»، ما يرسخ – في رأيه – «انحيازاً عملياً ضد المدنيين المحاصرين».

ورداً على ما يُروَّج عن مفاوضات أو هدنة، أكد أبو بكر أن قطاعات واسعة من السودانيين «لا ترى وجهاً للجلوس مع من انتهك الأعراض ودمّر مؤسسات الدولة»، موضحاً أن أي حديث عن سلام يجب أن يقوم – من وجهة نظره – على «انسحاب قوات الدعم السريع من كل المدن التي تحتلها، وتجميع سلاحها وتسليمه للجيش السوداني»، ثم السماح لمن لم يرتكب جرائم جسيمة بالاندماج وفق قوانين القوات المسلحة، على أن تلاحق العدالة من تثبت مسؤوليتهم عن الجرائم والانتهاكات.

وفي ما يتعلق بإعادة الإعمار بعد وقف الحرب، أعرب أبو بكر عن ثقته في أن الشعب السوداني سيكون «في الصف الأول» لتمويل وإعادة بناء المدارس والطرق والمياه والكهرباء في الفاشر وسائر مدن دارفور، معوّلاً في المرحلة الثانية على دعم الأشقاء والأصدقاء في الإقليم، ثم المجتمع الدولي إن قرر «تصحيح بوصلته»، على حد قوله.

وختم أبو بكر بتوجيه رسالة تفاؤل حذِر، داعياً السودانيين إلى التمسك بوحدتهم حول شعار «شعب واحد جيش واحد»، ومناشداً الشعوب العربية، وخاصة الشعب المصري الذي وجّه له تحية خاصة، أن يدركوا أن ما يجري في السودان «قضية حياة أو موت لشعب كامل»، داعياً إلى الدعاء للسودان والوقوف بجانبه في محنته إلى أن تستعيد الفاشر وسائر المدن عافيتها واستقرارها.