منتدى زين التفاعلي يستعرض تحديات القطاع الصحي في زمن الحرب

انعقد مساء الأربعاء 15 أكتوبر الجاري منتدى زين التفاعلي على منصة X، متناولًا تحديات القطاع الصحي أثناء الأزمات، بالتركيز على الحرب الدائرة في السودان منذ عام 2023 وتفشي الأوبئة المختلفة بوصفها أحد أبرز انعكاساتها السالبة على حياة المجتمع.

شارك في المنتدى عدد من الخبراء والاختصاصيين، من بينهم الدكتور الفاتح ربيع عبدالله مدير الحجر الصحي القومي، والدكتورة مها حسين محمد مدير مستشفى البلك التخصصي للأطفال، والدكتور وليد محمد سليمان أخصائي جراحة المناظير والسمنة، والدكتورة منى إدريس أحمد عبدالقادر مسؤول إعلام المخاطر وإشراك المجتمع بمنظمة الصحة العالمية.

استعرض الدكتور الفاتح ربيع في مداخلته ملامح الوضع الصحي قبل اندلاع الحرب، واصفًا النظام الصحي بأنه كان هشًا وفق المعايير المثالية، إذ تركزت معظم الخدمات الصحية في العاصمة الخرطوم. وأوضح أن الحرب التي اندلعت في مركز الدولة أصابت القطاع الصحي في مقتل، حيث تعرضت المؤسسات الطبية للاستهداف المباشر، وتشرّدت الكوادر الصحية، وتوقفت سلاسل الإمداد الدوائي، ما أثر بصورة قاسية على أصحاب الأمراض المزمنة كمرضى الكلى والسكري والأورام. وأضاف أن المؤسسات الصحية في الولايات الآمنة استقبلت أعدادًا تفوق طاقتها الاستيعابية، فتأثرت الخدمات فيها بدورها، داعيًا جميع مكونات المجتمع إلى التكاتف لمواجهة التحديات الراهنة عبر الاهتمام بالنظافة العامة وإصحاح البيئة والتخلص من مخلفات الحرب وكلورة المياه. كما أوصى بضرورة تحقيق العدالة في توزيع الخدمات الصحية على مختلف ولايات السودان، حتى لا تتأثر الخدمة عند وقوع أي أزمة أو جائحة في منطقة بعينها.

أما الدكتورة مها حسين محمد، فقد قدّمت شهادة مؤثرة عن تجربة مستشفى البلك التخصصي للأطفال، الذي يعد المستشفى الوحيد المتبقي لتقديم خدمات طب الأطفال في ولاية الخرطوم. وأشارت إلى أن المستشفى صمد طوال فترة الحرب، ولم يتوقف عن استقبال المرضى من الأطفال والكبار، حيث اضطرت الإدارة إلى إدخال تخصصات جديدة وتوسيع الطاقة الاستيعابية بنسبة غير مسبوقة.. وتم تحويل مكاتب الأطباء إلى عنابر للمرضى، وإنشاء مركز عزل استقبل أكثر من ألف مريض أثناء تفشي الكوليرا. وأكدت أن الكوادر الصحية أظهرت التزامًا إنسانيًا نادرًا رغم القصف المباشر الذي تعرض له المستشفى، إذ واصل الأطباء والممرضون عملهم دون كلل أو تردد.

من جانبها، أوضحت الدكتورة منى إدريس أحمد عبدالقادر، مسؤول إعلام المخاطر بمنظمة الصحة العالمية، أن المنظمة تعمل منذ ما قبل اندلاع الحرب بالتنسيق مع السلطات الصحية في السودان في مجالات الاستعداد والاستجابة للأزمات وإيجاد الحلول المناسبة. وشددت على أهمية رفع الوعي الصحي وإشراك المجتمع، وتمكين المواطنين من اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب، بما يخفف الضغط على المؤسسات الصحية ويسهم في صمود النظام الصحي. كما أشارت إلى تفشي حمى الضنك في ولايات الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض، داعية إلى تضافر الجهود لرفع الوعي بمكافحة نواقل الأمراض وتجفيف مصادر المياه الراكدة، حتى لا تصبح هذه الأوبئة أمرًا مستوطنًا. وبيّنت أن النظافة اليومية والسلوك الصحي السليم يمثلان خط الدفاع الأول في مواجهة مثل هذه الأمراض.

وأدار الحلقة الدكتور وليد محمد سليمان بإقتدار، حيث قدّم نقاشًا عميقًا حول التحديات الصحية في ظل الحرب، مؤكدًا أن الحديث عن الصحة في السودان لم يعد مجرد نقاش مهني حول الخدمات والأمراض، بل أصبح نقاشًا عن بقاء الإنسان نفسه. وقال إن الصحة اليوم هي قصة صمود إنسانية، تحكي عن الأطباء والممرضين والفنيين الذين واصلوا عملهم رغم الخطر، وعن ضرورة التفكير في كيفية بناء نظام صحي resilient قادر على الصمود والتطور حتى عندما ينهار كل شيء من حوله.

وقد شهد المنتدى تفاعلًا واسعًا من الجمهور الذي شارك بأسئلته وتعليقاته، وتفاعل معها المتحدثون بصورة مباشرة. ويُذكر أن منتدى زين التفاعلي أطلقته شركة زين بهدف توسيع فضاءات التواصل مع المجتمع، ومناقشة قضاياه واهتماماته، في محاولة للإجابة على الأسئلة الصعبة واقتراح الحلول الممكنة للقضايا الملحة. وتناول المنتدى في حلقاته السابقة قضايا التعليم العام والعالي في السودان، والبحث العلمي، والتعليم الإلكتروني، فضلًا عن التوظيف الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي