مبارك الكوده يكتب هل يفعلها الإسلاميون؟

ظللتُ بعد سقوط الإنقاذ، أدعو لمصالحة وطنية شاملة، لا تغادر مواطناً مهما كان جرمه ولونه، لأن ذلك هو الحق الذي أحق أن يُتبع، وظللت كذلك – أراهن – بأنه لن يتحقق سلامٌ واستقرارٌ سياسي في ظل إقصاء لأي جهةٍ كانت، و خاصة إذا كان الإقصاء يستهدف الإسلاميين. فإسلاميون اليوم ليسوا حزباً سياسياً، ولا تنظيماً لحركةٍ إجتماعية، إنما تيارٌ ومزاجٌ سودانيٌ عريضٌ، ربما يتفق عليه السودانيون ويختلفوا بمقدار.. و الذين يحاولون أن ينسبوا كل هذا الزخم الإجتماعي والسياسي والإقتصادي لتنظيم الحركة الإسلاميّة أو لشخص ( علي كرتي / مثلاً ) فإنهم واهمون، فالإسلام السياسي بصرف النظر عن رأينا فيه، أصبح واقعاً إجتماعياً عفوياً متجذراً ومتجاوزاً الأطر التنظيمية، والجماعات، والشخوص، كما أنه مدارسَ فكرية مُخْتَلِفة، ولكنها تتفق عندما يكون المستهدف الكيان الأساس، فذلك هو القاسم المشترك الأعظم بينها، و الذين ينسبون حركة الإسلام السياسي لتنظيم وشخص بعينه، بالطبع يكلفون هذا الشخص والتنظيم ما لا طاقه له به، و يؤكدون بهذه المحاولة عدم معرفتهم بواقع هذا التيار الوطني الضخم المسنود بتيار عالمي مناصر لهم، وبإجتهاد يستند الي دين مطلق، فالقضية ليست تجربة سياسة في الحكم فاشلة أو مجموعة من القطط السمان، فهذا اختزال ساذج ومخل !! فهل البرآءون جزء من تجربة ثلاثين الإنقاذ الطوال؟ وهل هم جزء من القطط السمان، ومن بيوت الاشباح ؟ الموضوع أكبر من ذلك بكثير، بل لا علاقة له بذلك البتة ، ولا أعتقد أن هنالك شخصاً يمتلك الحق لقيادة تيارٍ إجتماعيٍ بهذه السعة والكيف من التنوع ( علماء ومفكرون وأساتذة جامعات، وإعلاميون وشعراء وكتاب وشباب من الجنسين، بالإضافة لرجال أعمال، وزعماء قبائل، وطرق صوفية ومبدعين ورياضيين الخ ) ولكل ذلك صَعُبَ تفكيكهم ساعة استهدافهم ، وفي المقابل لا أكاد أصدق أن من المصلحة والمنفعة أن يُعطل هذا التيار الضخم العريض بهذا السيناريو الوهم، ويرهن نفسه لإشارة تنظيم أو قائد مهما كانت امكانات هذا التنظيم ومقدرات القائد، ويبدو لي أن هذه اللبس الذي لا أساس له من الصحة خلق مناخاً سالباً حال دون أن يكون لهذه المؤسسة الإجتماعية دوراً ايجابياً إزاء هذه الفتنة التي نحن بصددها، وكان بالإمكان أن يساهم في عملية الإستقرار الأمني والإجتماعي والسياسي، ويتحمل مسؤوليته التاريخية كاملةً، دون وصايا من أحد، وأمامنا تجربته في الاستنفار الشعبي التي صنعها فأصبحت واقعاً وغيرت المسار السياسي للدولة، وحسمت كثيراً من القضايا الخلافية لصالح المشروع الوطني القومي ٠
في تقديري أنه آن الأوان أن يتجاوز التيار الإسلامي العريض محطة الإنقاذ، ويعترف بأخطائها ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما أكتسبت ولا تسألون عما كانوا يعملون ) ويخلق فرصة سانحة، فتبادر مجموعة منه مع آخرين من قيادات اليسار والعلمانيين والمستقلين وأهل الرأي من المؤسسات الإجتماعية، ويقدموا بين يدي هذا الشعب والمنظمات الإقليمية والدولية والدول الصديقة ميثاقاً لتأسيس دولة المواطنة والقانون التي تستوعب كل السودانيين وتمضي بهم الي دولة المؤسسات التي ترسخ الحرية والعدالة والديمقراطية.
*فهل نحن فاعلون !!* *أتمني ذلك ،،*