قبل المغيب .عبدالملك النعيم احمد.. عودة الجامعات الي مقارها… ترتيبات مطلوبة

يتحدث الكثيرون من ذوي الاختصاص سواء اكان علي مستوي مجلس السيادة أو مجلس الوزراء أو حتي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ثم مديري الجامعات يتحدثون جميعا عن ضرورة وأهمية عودة الجامعات الي مقارها خاصة في الخرطوم وبعض المدن التي سبق أن احتلتها مليشيا الدعم السريع والمرتزقة في كل من مدني وسنار وسنجة..ولا اعتقد أن هناك إثنان يخلتفان في اهمية وضرورة عودة الجامعات الي مقارها ولكن يبقي السؤال الأهم وهو الكيفية التي يمكن أن تتم بها هذه العودة وذلك بتهيئة البيئة الملائمة للعملية التدريسية من حيث قاعات الدرس والمعامل ومكاتب الاساتذة وورش التدريب للكليات التطبيقية والمستشفيات للتدريب العملي لكليات العلوم الطبية والصحية ثم الاساتذة الذين يقومون بالعملية التدريسية وهم الان في عداد الشتات بمختلف دول العالم باحثين عن الامن والأمان وعن الرزق الحلال وعن توفير بيئة لابنائهم لمواصلة الدراسة..
ثم العنصر الكبير في العملية التدريسية وهم الطلاب أنفسهم وذلك بإعداد وتهيئة الداخليات التي تعرضت لتدمير ممنهج من قبل المليشيا المتمرد فهي تحتاج الي اعمار كامل وتوفير خدمات المياه والكهرباء لالاف الطلاب من الجنسين قبل أن يعودوا إليها ولعل داخليات جامعة الخرطوم لموقعها في الوسط وفي الطب وسوبا وحتي شمبات قد اصابها من الدمار ما لا يتصوره العقل وقد دهش وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالامس وهو يزور داخليات مجمع الوسط برفقة الامين العام لصندوق رعاية الطلاب وقال ان هذه الداخليات قد تعرضت لتدمير ممنهج ولكنه عول كثيرا علي الجهود المبذولة من عدة جهات للاعمار ولكنه بالضرورة ستحتاج لمال ووقت..
شهدنا في الأيام الماضية زيارات لعضو مجلس السيادة الفريق ابراهيم جابر للطلاب في جامعة الخرطوم وهم يقومون باعمال النظافة وزيارة وزير التعليم العالي لعدد من الجامعات في مقارها بالخرطوم وخارجها ولقائه بعدد من مديري الجامعات بمكتبه بورتسودان.. كل تلك التحركات والنشاطات تدل علي رغبة وعزم الحكومة علي عودة الجامعات ولكن تلك العودة لن تتم بالصورة التي يراد لها بقراءة الواقع الحقيقي لهذه الجامعات المتضررة وحصر الخسائر وتقدير تكلفة الإعمار وجدولته ومن ثم دعوة الخريجين واهل الخير ورجال المال والأعمال للمساهمة والمشاركة الفاعلة في الإعمار وهذا بالطبع سيستغرق بعض الوقت ويجب ألا يتأخر الطلاب في العملية الأكاديمية بأكثر مما تأخروا..
حققت تجربة الدراسة اونلاين في هذه الظروف العصيبة نجاحا ملموسا خاصة في جامعة الخرطوم التي أجرت خمس دورات امتحانات لكل طلابها بمختلف كلياتهم وأقسامهم في عدد من المراكز داخل وخارج السودان وتم تخريج مايقارب ثلاث ألف طالب وطالبة وتمت معالجة كل الحالات الطلابية التي لم تساعدهم ظروف الكهرباء والانترنت بامتحانات ملاحق وبدائل…كل هذا النجاح تم بجهد كبير من ادارة الجامعة وعلي رأسها بروفيسير عماد الدين الأمين الطاهر عرديب وأمانة الشؤون العلمية وعمداء الكليات واعضاء هيئة التدريس والاداريين…هذه تجربة في تقديري جديرة بأن تستمر الي حين طالما مازالت البيئة الجامعية غير جاهزة وطالما أن هناك اعداد كبيرة من الأساتذة واولياء الامور والطلاب خارج البلاد…
يجب ان يستمر جهد إعادة الإعمار وتهيئة كل الجامعات من اجل العودة متوازيا ومتزامنا مع الدراسة اونلاين وعقد الامتحانات حسب ما يقتضيه الحال والظرف داخليا وخارجيا…
إقتراحي بأن تترك الحكومة ووزارة التعليم العالي قرار عودة الجامعات لمديري الجامعات هم الوحيدون بمجالسهم المختلف الأقدر علي تقييم وضع وظروف جامعتهم ويحددوا العودة التدريجية للكليات سواء أكان بكليات معينة أو بدفعات معينة في الكلية الواحدة…كل ذلك مع مراعاة ظروف داخليات الطلاب وخدماتها وظروف قاعات ومعامل الكليات واساتذتها…يجب أن يكون القرار سياسي بالدرجة الأولي دون مراعاة للواقع الحقيقي للجامعات خاصة ان كل الجامعات المتضررة مازالت لجانها المكلفة تعمل علي حصر الضرر وتقييم تكلفته فما بالك من ايجاد التمويل والزمن الكافي لإنجاز مهام التعمير وتوفر الخدمات الأساسية التي تتطلبها العملية التعليمية….