عبقرية منظومة الصناعات الدفاعية ______>______>___ م.حلمي فاروق

العقلية السودانية متميزة رغم مايتباين حولها من آراء وكتابات تتناول وصفها وتحليلها وتقييمها وهي بهذا التنوع الرائع .

كلمة (عقلية) mentality تعرّف على أنّها القوة والمقدرة أو الذكاء الذي تٌحدد بموجبه القدرة على استيعاب مانملكه ومانتلقاه ومايؤثر فينا وحولنا ، وهي القدرة على التعامل الصحيح مع ذاك كله .

العالم ببحوثه المستمرة توصل إلى أنّ (التخصصية) في العمل أصبحت سر النجاح في عالم الأعمال اليوم ، فتجد على سبيل المثال أن القسم الواحد المحدد في أي مؤسسة يحوي أكثر من تخصص ..!!

ولأن (العقليات تخصصت) في إدارة شؤون الحياة العامة والخاصة .. فكان منها الفكرية والتخطيطية وكذلك التنفيذية في كل جوانب الحياة ، لذا تجد أنّ المؤسسات والشركات العامة والخاصة الناجحة ،
بل حتى الدول التي حققت تطورا” ملاحظا” ومشهودا” في جميع جوانبها أحكمت فهمها لتلك الأسس والتعريفات والمعاني ، واستثمرت في تلك المفاهيم وطبقتها عملا” ، وأنزلتها تطبيقا” عمليا” ، فوضعت كل في موقعه المناسب ، وسنّت لضمان سريان تلك الدورة المحكمة لوائح وقوانين ونظم قوية وقدمت لها الآليات المناسبة وضمان تنفيذ الرقابة الجيدة عليها ، ثم المعالجات المطلوبة التي تلي التقييم المستمر ، تطويرا” دائما” وتحقيقا” للأهداف المرجوة .

وهنا تتجلّى عبقرية منظومة الصناعات الدفاعية في السودان في إدراكها لكل تلك الأسس والحقائق بل وتتميز بتحويلها إلى برامج وأنشطة ومشاريع ونتائج عملية مذهلة .

لم تكن فكرة ( التصنيع الحربي السوداني ) وليدة لحظة عابرة ، أو ضربة حظ ، وحلم قاعد ، لكنها نتاج تفكير عميق وتخطيط إستراتيجي بعيد ، وحراك طاقات جبارة من عقليات سودانية فذّة ، تميّزت بذكائها وبقوة فكرها وصلابة عزمها وحسن تخطيطها وصدق وطنيتها .
فالمتتبع لمسيرة تطوير هذا الصرح منذ وضع اللبنة الأولى وبدايات التصنيع الحربي في بواكير العام 1960 في عهد الرئيس السابق الفريق عبود والنقلة الكبيرة المتميزة في عهود لحقت وأضافت وأجادت حتى أضحت ( منظومة الصناعات الدفاعية ) صرحا” قويا”، وتخطيطا” علميا”، وعملا” متقنا”، ومشاريعا” متطورة” ‘ وعجلة” صناعية” ضخمة ، وخطوط إنتاج متعددة” ، ودراسات متطورة ومواكبة” محكمة” ، جعل منها مؤسسة” فتية” ناضجة” مثالية ..
تجعل كل سوداني وطني مخلص بل كل محب للسودان أن يفاخر بهذا الإنجاز العملاق ويحدث عنه .

للإسم الجديد دلالاته ومنطق إطلاقه ، وهو إحدى معاني مراحل التطوير الذكي للصرح ، حيث ومن فائض طاقات تصنيع الآلة العسكرية التي بدأت بالذخيرة والأسلحة الخفيفة ، لتصل إلى صناعة الدبابات والطائرات والمسيرات . كانت كذلك عبقرية أخرى تمثلت في تطوير الخدمات والمنتجات المدنية ، وهذا ما وصف لاحقا” كإضافة كبرى للمنظومة بالشق المدني في منظومة الصناعات الدفاعية . تطور هذا الشق في هيكل المنظومة ليصبح داعما” لكل مؤسسات الدولة في كل مجالاتها ، مثال مجالات الطاقة بكل تفصيلاتها .. ومجال الإنتاج الصناعي والزراعي والحيواني درجة أن تموّل المواسم الزراعية كاملة” لأعوام على مستوى البلاد من جهود هذا الشق المدني النشط كأمثلة مشهودة ..
ويتكامل هذا الشق المدني مع الشق العسكري في تطور وتحسين متجدد ليصبح الإسهام متبادلا” يصنع هذه المنظومة الساندة للدولة في كل مجالاتها العسكرية والمدنية .

تحتفظ المنظومة بتلك العقليات القوية على مستوى الكادر البشري المؤهل وتحرص كذلك على استيعاب عقول ومقدرات الشباب بصورة مستمرة قناعة” منها بضرورة إستمرار المنظومة فتية” بشبابها المتجدد .

لدى المنظومة أيضا” هيكلا” إداريّا” يتناسب والرؤية الواضخة ، تراعي فيه ضرورة وجود دوائر وإدارات وأقسام رشيقة محكمة ، تقوم على تخطيط استراتيجي يشرف على خطط تلك الدوائر والإدارات ويعمل على رقابة تنزيل تلك الخطط ومتابعة تنفيذها ..وتعتمد المنظومة كذلك نظم حوكمة حديثة متطورة في الإدارة والقوانين والمحاسبة واللوائح المنظمة .

المنظومة تتفاعل وقضايا البلاد وتتعامل معها بمسؤولية تشعرك وكأنها المعني الأول بقضية الوطن والمواطن .. مما خلق علاقة قوية بينها والمواطن ، وكذلك المستفيدين .
حيث تنشغل المنظومة بكل مايهم ويمس المواطن وتتعامل مع احتياجاته ومايعايشه بشكل مسؤل وجاد ، نذكر كمثال تلك الملحمة التي شهدها العالم في دور المنظومة في مكافحة جائحة كورونا في العام 2020 واستطاعتها التقليل من خطر الجائحة على أهل السودان من باب استشعارها مسؤليتها الإجتماعية وواجبها الأخلاقي والإنساني والوطني .

المنظومة ومنذ أن اتجهت نحو إقرار مبدأ الشراكات مع الشركاء المحليين ونجاح التجربة ، عمدت إلى الإتجاه في شراكاتها نحو الإقليمية وتخطتها نحو العالمية إمتدادا” لتخطيطها الإستراتيجي ، وكان نتاج ذلك سريعا” وجليّا” أكدته المشاركات في المحافل الإقليمية والدولية وتحقيق المنظومة درجات متقدمة ومراتب عليا في تفوقها على كثير من المشاركات الدولية ، وقد كان لها الأثر الإيجابي في كل مايتصل بالبلاد .

كل تلك الإنجازات وذاك العمل المدروس والجهود الجبارة تجعلنا نكتب عن هذا الصرح ونشير إليه ، ثم نفرد مساحة” كبرى من الكتابة في حق هذا الإنجاز وهو يتوج بهذا الدور القوي الصلب المعايش الآن ،
حيث أنّ منظومة أهل السودان ( منظومة الصناعات الدفاعية) تقود مع السودانيين كنموذج لمؤسسات البلاد المتفردة معركة الكرامة والعز والشرف ، والحفاظ على الوطن ، وتعمل بذات الهمة وأكثر وبذات الإنسجام بين مكوناتها الداخلية ، شركاتها ومصانعها وقيادتها وعقول منسوبيها المرابطين رباط أهل السودان كافة” ، تعمل معهم وبينهم ليل نهار لأجل أن تسترد البلاد من مغتصبيها ، وتعيد إليها عزها وأمنها وأمانها وتؤمن زادها وتعيد إعمارها ..!!
تعد وتخطط ( لفترة مابعد الحرب ) إعمارا” وبناء” وتشييدا” تعيد به سيرتها ومجدها وتطورها ونصرة” لأهلها عزا” وشموخ ..!!

هذه الجولات والمجهودات والإسهامات التي تتكامل فيها المنظومة مع قيادة البلاد ومؤسساتها وآخرها الزيارات خارج البلاد وأبرزها تلك الإتفاقيات التي أبرمت مع الصين والتي بدأت البلاد تحصد نتائجها عملا” ، مؤشر آخر يجعل من المنظومة سدا” وسندا” قويا” .

من المهم أن نفصّل في الحديث عن العبقرية في إدارة هذا الصرح خلال هذه الفترة العصيبة من عمر البلاد ، والسودان يعايش إستهدافا” حقيقا” يمس أمنه واستقراره وهويته بل وحياة مواطنيه.. درجة أن ظنّ الكثير وروّج لذلك الأعداء إلى أن شللا” قد أصاب الدولة ودمارا” قد أفقد السودانيين أمل النصر والعودة والحياة الكريمة ..!! وإن كانت المنظومة قد استهدفت على نحو خاص جعل من حجم الخسائر في أصولها وامكانياتها كبيرا” إلا أنّ إيمانها بدورها جعلها تستنهض قواها وتستمر في مسعى ثباتها ومعاودة الوقوف في خضم المعركة لتضاعف الجهود وتستفيد من خبرتها الطويلة في إدارة الأزمات تحت قيادة مسؤولة ، واعية” لمآلات الموقف وأبعاد المشهد ، فكان أن منحت أضواء” في نفق ظنّ كثيرون في عجز الخروج منه ..!!
والحق يقال فقد أخذ قادتها ومنسوبيها ومن واقع خبرتهم وصلابة تجاربهم ووسع أفق استيعابهم لآثار هكذا وقائع نفسا” لم يطل كثيرا” وبدأ مشوار إسنادهم على المستوى العسكري ، لتشهد المعركة إسنادا” غير منقطع في توفير مستمر لكل أنواع الأسلحة والدعم الفني الذي يميز عقول منسوبي المنظومة .
بالتوازي أيضا” كان أن أولت المنظومة اهتمامها باقتصاد البلاد فحركت آلياتها استيرادا” وتصديرا” وتحريك عجلة خطوط إنتاج شركاتها المدنية وتفعيل شراكاتها على المستوى الإقليمي والدولي ليستمر تدفق الإحتياجات وحفظا” لتوازن تلك العلاقات الإستراتيجية بما يتواءم ومساعي الدولة والسعي نحو منع حدوث فجوة وتغطية الحاجة لكل الولايات على اختلاف مطلوباتها ..بل وبرعت في إيصال ذاك كله عبر خدماتها اللوجيستية ذات التجربة الممتدة لمناطق السودان المترامية.

سيظل عهد هذا الصرح ثابتا” ، وعطاؤه متجددا” ، ولن يرف للمنظومة جفن حتى يتحقق النصر ويتحقق الإعمار .. هذا ما قال به قادة المنظومة وكل منسوبيها : ذاكرين أنّه عهد قطعوه مع البلاد وأهلها ، واعدين بأنهم سيقدمون عملا” متصلا” يسر الشعب السوداني ويطمئنون لنتائجه .

ربما نحتاج لمقالات متتابعة تمتمد لسلسلة حلقات لنتحدث فيها عن هذا الصرح الكبير ، وعن عقليات محركيه ، ومجدديه ، وداعميه من أبناء السودان الخلص .

كذلك تظل الحاجة لتناول الأرقام والإحصائيات لكل ماتناولته المقالة أمر مهم ، سيذهلك وسيشعرك بالطمأنينة والأمان والفخر ، إذا ما تم عرضها ..!! والتاريخ يوجب كتابة ذاك الجهد وخطه ، حفظا” للجهود ونقلا” لأجيال قادمة تعتبر المنظومة من من يحملون همهم ومن معديهم وداعميهم لقيادة البلاد مستقبلا” .
سنفرد لذاك كله مساحات في مقالات قادمة وسلسلة متصلة عن تلك المجهودات في حق هذا الصرح العملاق .

نظل كسودانيين نطمئن ونحن ندرك أن مثل هكذا صروح وإنجازات تضمها بلادنا وتحتفظ بها وتعد سدا” منيعا” وحصنا” حصينا” يحصن بلادنا ويبقيها قوية” عزيزة” شامخة” حرة ويحميها من تربص أعدائها ، ويحرك عجلة الإعمار والبناء فيها .

الخزرجي ..
٢٠٢٤/٩/٢٥ 🌴