تلقى رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان دعوة رسمية لزيارة الدوحة .وابلغ رئيس الوفد القطري السلطان بن سعد المريخي وزير الخارجية السفير علي يوسف دعوة بلاده للبرهان .على أن ترتب الدولتان توقيت الزيارة عبر الطرق الدبلوماسية .
لم تكن هذه أول دعوة للبرهان ،قد زار دولة قطر في سبتمبر ٢٠٢٣ اي بعد خمسة أشهر من اندلاع الحرب في السودان ،وكانت من أولى زيارات البرهان الخارجية بعد مغادرته مقر القيادة العامة للقوات المسلحة واتخاذ مدينة بورتسودان مقرا مؤقتا للحكومة
وقتها بحث البرهان مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان عدد من الملفات على رأسها قضية الحرب والسلام والعمل الإنساني، والدور القطري في دعم السودان .
في الأسبوع الاخير من يوليو الماضي دفعت الدوحة بمسئول مهم الى السودان ..حيث وصل مدينة بورتسودان وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية السيد سلطان بن سعد المريخي على رأس وفد مهم ،التقى رئيس مجلس السيادة والقائد العام .
ألمريخي جدد خلال الزيارة موقف قطر الثابت من قضية الحرب في السودان ووقوفها مع الحكومة الشرعية ،والقوات المسلحة السودانية في مواجهة التحديات التي تواجه الدولة السودانية.
زيارة المريخي احدثت حراكا سياسيا واعلاميا قويا على خلفية تأزم الوضع وانتشار مليشيا الدعم السريع وترويع المواطنين الامنين في منازلهم حيث كانت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي منزعجة من زيادة دعم بعض الدول للمتمردين بالسلاح والمال بصورة كبيرة
منذ اندلاع حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣ وحتى اليوم ، ظلت دولة قطر على موقفها الثابت تجاه السودان . لم تتزحزح ولم تتاثر بالمتغيرات الإقليمية والدولية التي ترمي بظلالها على الموقف من ما يحدث للشعب السوداني.
قطر ومنذ انطلاقة الرصاصة الأولى في الخرطوم أكدت موقفها الرسمي الثابت والداعم لوحدة واستقرار وسيادة السودان ، وسلامة اراضيه، وحق الشعب السوداني في الحياة والحرية والأمان.
خلال تاريخها الطويل من دعم الدول المجتمعات التي تمر بظروف انسانية لم تربط قطر تقديم المساعدات باي اجندات سياسية او غير سياسية ،ولم تنظر قط إلى أي مصالح يمكن أن تجنيها من هذا التوجه .فهى من الدول النادرة التي تقدم المساعدات الإنسانية والتنموية، واحتواء الازمات ، ومد يد العون للشعوب وتخفيف معاناتها.
القيادة العليا لدولة قطر ممثلة في صاحب السمو الشيح تميم بن حمد وكل قيادات الدولة اصدرت توجيهات واضحة بشأن الدعم الإنساني للمتضررين من الحرب في السودان .
تراست دولة قطر في يونيو من العام الماضي المؤتمر رفيع المستوى والخاص بالتعهدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والذي ضم المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ..المانيا ..ومنظمة الأمم المتحدة ممثلة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية..الاتحاد الأوربي..مفوضية شؤون اللاجئين. حينها تعهدت قطر بمبلغ ٥٠ مليون دولار لمجابهة خطة الاستجابة الإنسانية في السودان .
وفيما تقاعست المنظمات الدولية والدول الأوربية والمنظمات الاقليمية عن تعهداتها بحجج واهية .التزمت دولة قطر بما اعلنته من تعهد ،وظلت مستمرة في إرسال الدعم الإنساني بما يفوق ذلك المبلغ بكثير.
الموقف القطري من أزمة الحرب في السودان لم يقتصر على دعم الوضع الإنساني ،بل ظلت القيادة القطرية مهمومة بعملية الاستقرار للشعب السوداني ،فكانت القيادة القطرية كثيرا ما تؤكد على أهمية عدم اختزال الأزمة في السودان فقط في المسألة الإنسانية وإهمال المسار السياسي .وهو ما ركز عليه ممثل قطر في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر من العام الحالي ،حيث أكد على أهمية البحث في المسار السياسي مع الوضع في الاعتبار الحفاظ على السيادة الوطنية ومؤسسات الدولة.
واكدت قطر على أهمية وضع الملف السوداني في وضعه الصحيح ضمن أولويات المجتمع الدولي .وتخشى قطر أن يتحول ملف السودان الى ملف روتيني وان يتم تحويل السودانيين إلى مجرد لاجئين .
قطر تعمل على عدة مبادئ اهمها المحافظة على سلامة جمهورية السودان وكيان الدولة السودانية وسلامة اراضيه ومؤسساتها الراسخة ..بجانب حقن دماء الشعب السوداني واستعادة أمنه في وطنه وتوفير احتياجاته كذلك وقف التدخلات الخارجية التي أشعلت الحرب ولازالت تغذيها.
لقد ظلت دولة قطر على موقف ثابت فيما يختص بالابقاء على مؤسسات الدولة السودانية الوطنية ، وعلى سيادة الدولة والكيان الرسمي والذي تمثله مؤسسة القوات المسلحة السودانية .وذلك برغم تزبزب مواقف عدد من دول الإقليم.
في المسار الإنساني ظلت قطر ولازالت تجري تدخلات مهمة وسريعة في القطاع الصحي ،وذلك بإرسال الشحنات الدوائية ،وماكينات غسل الكلى والأدوية المنقذة للحياة خاصة أدوية مرضى السرطان ..كما وعدت بالمساهمة في إعادة اعمار القطاع الصحي بعد الحرب.
في مارس الماضي ارسل صندوق قطر للتنمية ٤٠ طن من المساعدات الإنسانية عبر طائرة تتبع للقوات الجوية الأميرية، استكمالا للجسر الجوي القطري لمساندة الشعب السوداني.
في نفس شهر مارس وصلت بورتسودان طائرتين تحملان كميات من الأدوية والمستزلمات الطبية لمساعدة القطاع الصحي الذي تدهور كثيرا بسبب الحرب.
في أكتوبر المنصرم وقعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مع صندوق قطر للتنمية اتفاقية بقيمة ٢ مليون دولار أمريكي لتقديم المساعدات الضرورية لنحو ٢٤٠.٠٠٠ شخص من دولة جنوب السودان الذين فروا من الحرب في السودان .
هذا بخلاف شحنات عديدة من المواد الغذائية التي ظلت ترسلها
قطر الخيرية منذ الشهور الأولى للحرب إلى ولايات كسلا ..الشمالية ..البحر الأحمر ضمن مشروع يستهدف أسر النازحين المتضررين من الحرب وذلك بتمويل من صندوق قطر للتنمية .هذه المساعدات التي بدأت مع بداية الحرب ولازالت مستمرة فهي دليل على الموقف القطري الثابت في دعم الدولة السودانية والشعب السوداني دون أن يكون لها طموح في اراض زراعية او موانئ بحرية او نهب ثروات او الاستيلاء على موارد معدنية .
قبل الحرب يعرف الشعب السوداني الدور القطري في دعم استقرار السودان من خلال العديد من أشكال الدعم المالي الذي وجه مباشرة إلى خزينة الدولة ،خاصة بعد انفصال جنوب السودان وما احدثه فاقد ٨٠% من عائدات البترول على ميزانية آلدولة..
كذلك الدور القطري في محاولات حل مشكلة دارفور عندما استضافت الدوحة مفاوضات دارفور بين الحكومة ومجموعات كبيرة من معارضيها وحاملي السلاح ..تلك المفاوضات التي استمرت اكثر من عامين ، و انتهت باتفاقية سلام دارفور في مايو ٢٠١١
وقبل الحرب ..كثير من الشعب السوداني يعرف الشيخة موزة بنت ناصر والدة أمير دولة قطر لما تقوم به من اسهامات في العمل الإنساني، غير أن زيارتها في العام ٢٠١٧ للسودان كان لها تاثيرا إعلاميا قويا ، احدثت حراكا شعبيا كبيرا حيث جاءت الزيارة إلى اهرامات البجراوية بصفتها عضو المجموعة المدافعة عن أهداف التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة .وتولت إطلاق شراكات جديدة ،كما زارت الشيخة موزة مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان ..الصور التي نشرتها الشيخة موزة لزيارتها للسودان عبر حساباتها الإلكترونية كان لها صدا واسعا داخل وخارج السودان وفي كل وسائل الإعلام العالمية .
امراةاخرى من قطر أصبحت سيرتها تحتل عناوين الصحافة السودانية والدولية لما ظلت تقدمه من دعم للسودان في محنته .
هي لؤلؤة الخاطر التي شغلت الان منصب وزير التربية والتعليم العالي في التغيير الوزاري القطري الاخير.
لؤلؤة وهي وزيرة الدولة للتعاون الدولي تحدثت في الجمعية العامة للأمم المتحدة عن السودان ،ابانت ..وحصدت إعجاب كل المساندين للسودان والشعوب المقهورة في العالم .
من منصة الأمم المتحدة عرفت لؤلؤة الخاطر العالم عن صفات الشعب السوداني ..قالت إن الاجتماع يكتسب اهميته من أهمية البلد الذي نناقش قضيته ..السودان البلد العزيز على قلوب العرب ..تحدثت عن أهمية السودان الجيوسياسية .وميزاته في الجوار الافريقي. العربي وتأثيرات الحرب على من حوله من الدول ،وما تصدره من وضع كارثي على منطقة القرن الافريقي والدول العربية..
لؤلؤة الخاطر مهمومة بإيقاف الحرب واعادة ترميم ماخلفته .مع التشديد على حرص موقف بلادها على مؤسسات الدولة السودانية .
في مارس من العام الحالي جاءت لؤلؤة إلى السودان لتقف على مأساة شعب كريم أصبحت تهدده دانات مليشيا الدعم السريع ففر نازحا ولاجئا خارج الحدود .
الماساة تراوح مكانها ولازال الشعب السوداني يتطلع من القيادة القطرية أن تلتفت أيضا إلى الذين فروا إلى دول الجوار بعد أن احتلت مليشيا الدعم السريع منازلهم بقوة السلاح فكانت وجهتهم دولة جنوب السودان ،ومصر واثيوبيا ،وليبيا ويوغندا . آملين ان تلتفت اليهم قطر الخير والعطاء
كاتبة صحفية – رئيس تحرير اخبار السودان
مهتمة بالشان الاقتصادي