سمية سيد تكتب قراءة حول توصيات لجنة الطوارئ الاقتصادية (٢)

في البحث حول مالات التوصيات ٤ و٥ الخاصة باستحواذ البنك المركزي على تجارة وتصدير الذهب حاولت ان اشرح الفرق بين بناء البنوك المركزية لاحتياطات من الذهب وبين تدخله في عمليات التصدير ؟
ولازلت في نطاق البحث عن اجابة السؤال المطروح ..
هل خطوة بنك السودان المركزي تمثل احتكارا من الدولة لسلعة ما ؟ ام انها بهدف بناء احتياطات من الذهب بما يحقق الامن المالي للدولة ؟

بحسب السياسات المعلنة فإنه ليس من مهام البنك المركزي شراء الذهب من المعدنيين .. واذا تم ذلك فهو استثناء لاجراء معين وتحقيق اهداف اقتصادية معينة لزمن معين بسبب وضع السودان الحالي وما تسببت فيه الحرب .
كثيرون انتقدوا هذه التوصيات وما يمكن ان تقود اليه من تاثيرات قد تاتي بنتائج عكسية كزيادة حجم التهريب مع ضعف آليات محاربته او تحجيم نشاطه ، لذلك كان الأجدى اتخاذ سياسات تشجيعية اكثر مرونة خاصة فيما يختص بخفض الرسوم على المنتجين .

تتخذ البنوك المركزية مجموعة من السياسات والإجراءات لإدارة تصدير الذهب، وذلك لأهميته كأصل استراتيجي يؤثر على الاحتياطيات النقدية والاستقرار الاقتصادي للبلاد. تختلف هذه السياسات من دولة إلى أخرى، لكنها تهدف بشكل عام إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية كحماية الاحتياطيات النقدية كما ذكرت في المقال السابق اذ يعتبر الذهب جزءًا أساسيًا من الاحتياطيات الأجنبية لأي بلد في مستوى معين ليكون بمثابة ملاذ آمن في أوقات الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية.
وقد تضع البنوك المركزية قيودًا على كميات الذهب التي يمكن تصديرها من قبل الأفراد والشركات، أو تفرض ضرائب ورسومًا لتقليل الحوافز للتصدير.وهذا يعد من القيود الكبيرة التي أدّت إلى زيادة نشاط التهريب في السودان وقاد إلى التدخل المباشر عن طريق شراء الذهب المنتج محليًا من شركات التعدين وبيعه في السوق العالمية بحسب توصيات لجنة الطوارئ الاقتصادية الأخيرة لإحداث التأثير على سعر صرف العملة المحلية.

اتخاذ سياسات مرنة ومشجعة للمنتجين لا يعني رقع البنك المركزي يده عن سوق الذهب بل في هذه الحالة مطلوب نوعا من الرقابة على عمليات التصدير
ولضمان أن تكون عمليات تصدير الذهب قانونية وشفافة، تفرض البنوك المركزية عادةً ضوابط صارمة تتضمن هذه إلزام المصدرين بالحصول على تصاريح وموافقات مسبقة.
ووضع شروط على المصدرين بان يتم البيع بسعر السوق العالمية، وإعادة حصيلة التصدير (العملات الأجنبية) إلى البلاد خلال فترة زمنية محددة.
صحيح ان بعض المصدرين في كافة المجالات لهم سجل اسود في حصائل الصادر لكن ذلك يرجع في الأساس إلى ضعف العقوبات المنصوص عليها في القانون .. فقد تلاحظ ان بنك السودان ظل يعلن عن قوائم حظر من التعامل المصرفي للمتهربين لكن نفس الفئة تستمر في ذات النشاط باسماء شركات وأسماء عمل بما عرف ب ( الوراقة)
لذلك على البنك المركزي استحداث آليات رقابة اكثر فاعلية وتغيير التشريعات فيما يختص بالعقوبات التي تكتفي فقط بالحظر المصرفي .

السياسات التشجيعية وليست الاجراءات الادارية هي التي يمكن أن تؤدي إلى تصدير الذهب بكميات كبيرة وتؤثر على العرض والطلب على العملة المحلية.وتقود إلى الاستقرار في سعر الصرف.
فعندما ترتفع أسعار الذهب العالمية، فإن قيمة صادرات الذهب تزيد، مما قد يؤدي إلى تدفق كبير للعملات الأجنبية إلى البلاد .

في بعض الدول المنتجة للذهب، قد تضع البنوك المركزية سياسات لدعم وتنمية صناعة التعدين المحلية في اطار دعم قطاعات الانتاج المحلي ، وقد تشمل هذه السياسات توفير التمويل للشركات المحلية، أو منحها الأفضلية في تصدير كميات معينة من الذهب، أو حتى شراء جزء من إنتاجها المحلي بالسعر العالمي
فعلى سبيل المثال، قد تسمح البنوك المركزية لشركات التعدين المحلية بالاحتفاظ بنسبة معينة من حصيلة صادراتها بالعملة الأجنبية لتغطية نفقاتها وهو امر يصعب إقراره في السودان مع الظروف الاقتصادية المعقدة.

السياسة التي اعلنتها لجنة الطوارئ الاقتصادية بالبيع المباشر للبنك المركزي بشراء الذهب المنتج محليًا من شركات التعدين بسعر السوق العالمية، ومن ثم يتولى البنك المركزي مهمة تصديره بنفسه يمكن ان تكون بسبب الظرف الاستثنائي لان الاهم هو وضع أطر قانونية وتنظيمية تضمن الاستفادة القصوى من هذا المورد الثمين لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز استقراره.