مدينة تنزف تحت وطأة الاجتياح والانتهاكات
من عاصمة دارفور التاريخية، ترتفع صرخة مدوية تخترق صمت العالم، صرخة تُحدثها مدينة الفاشر التي اجتاحتها رياح عنف وانتهاكات الجنجويد والقتل والدمار. كانت الفاشر رمزًا للصمود، لكنها اليوم تتحول إلى شاهد صامت على فصول مأساوية تُكتب بدماء الأبرياء.
لقد دُنست أرضها الطيبة، وتحولت أزقتها وشوارعها إلى مسارح للانتهاكات المروعة. أين الأمان الذي كان يغمر بيوتها؟ أين السكينة التي كانت تظلل أهلها؟
بات المدنيون العُزّل هدفًا سهلاً، أطفال وشيوخ ونساء، يُقتلون بدم بارد، ويُعاملون بوحشية تتجاوز كل حدود الإنسانية. القتل الممنهج، الإعدامات الميدانية، والعنف القائم على النوع الاجتماعي ليست مجرد تهم، بل هي حقائق مؤلمة يرويها الناجون والضحايا.
• الحصار والجوع .. لم تكتفِ الميليشيات بالاجتياح، بل فرضت حصاراً خانقاً، قطعت شرايين الحياة، وحرمت مئات الآلاف من الغذاء والدواء. في مدينة تئن من الجوع والمرض، باتت المساعدات الإنسانية حلماً بعيد المنال.
اصبح القانون عند الجنجويد تحت الأقدام. .. تُرتكب الجرائم تلو الجرائم بانتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي. شهادات تتحدث عن تصفية أكثر من ألفي مواطن أعزل، وعن اختطاف الكوادر الطبية والمطالبة بفدية. أي قانون هذا الذي يُبيح سلب الأرواح وحبس النور عن المرضى؟
العزم العسكري والالتزام الوطني هو فجر النصر القادم الذي قطع وعده القائد العام الفريق البرهان في خطابه امس.. وعد العودة بقلب الطاولة على المليشيا .. وجيشنا يقدر على ذلك بمثل ما فعلها في الخرطوم ومدني وسنار
الخطوة التكتيكية بالانسحاب لاعادة التموضع اتخذت بعين الاستراتيجية العسكرية الحكيمة وهي خطوة تزيد من ثقة الشعب في جيشه وليس العكس كما ارادت لها المليشيا واعوانها في تاسيس وصمود وغيرها من صغار اتباع الملايش ودولة الامارات التي تشعر بنشوة الانتصار الان وهي نشوة مؤقتة ستنتهي مع قلب الطاولة التي وعد بها قائد الجيش.
حكمة خطوة الانسحاب تمثلت في الحرص على ارواح اهلنا في الفاشر وتجنيبها دمارا اوسع وأكثر ايلاما .
لم تكن الفاشر لتسقط من ذاكرة الوطن ، بل هي نقطة انطلاق جديدة لعملية عسكرية كبرى يتم التخطيط لها بعناية فائقة
ان العودة إلى الفاشر ليست مجرد هدف عسكري بل هي وعد وطني ثابت لارجعة فيه ، نرى الاستعداد للحسم بكل الحماس الذي بدأ في التعاون بين القوات المسلحة والقوة المشتركة التي مثلت الصمود وقدمت أروع التضحيات والبطولات طيلة فترة الحصار.
ان كنا بعيدين عن استيعاب التكتيكات العسكرية ونجهل ابسط الخطط الخاصة بخوض المعارك فإننا ندرك ان جيشنا العظيم مع القوات المشتركة سريعا ما تكمل تجهيزاتها وتنظم صفوفها وتجهز مواردها لتضيق الخناق على الجنجويد وتحويل سيطرتهم إلى عبء عسكري ولوجستي استعدادا ل”قلب الطاولة” في معركة الاسترداد الحاسمة .
الثار والاقتصاص لكل قطرة دم سالت في الفاشر وكل انتهاك وقع بحق المدنيين الأبرياء هو دين في عنق اي سوداني حر .. ويجب إلا تفلت اي يد غادرة من المحاسبة . وسيحتفل السودان قريبا بيوم التطهير الأكبر .. يوم تشرق فيه شمس العزة مجددا على الفاشر.
إن مأساة الفاشر ليست مجرد خبر عابر، بل هي جرح غائر في جسد الإنسانية وفي قلب السودان. هي دعوة عاجلة للعالم والمجتمع الدولي لكسر حاجز الصمت، وتحمل مسؤوليتهم الأخلاقية والقانونية. أوقفوا النزيف! أوقفوا الانتهاكات! أنقذوا ما تبقى من الفاشر وأهلها! فكل قطرة دم تُراق هناك هي وصمة عار على جبين هذا العصر.
