سمية سيد تكتب بناء احتياطات الذهب .. بالسياسات لا بالاحتكار

بعد غياب خارج البلاد تسبب في العديد من ردود الفعل والتكهنات ، اجتمع اليوم رئيس الوزراء كامل ادريس بحضور محافظ البنك المركزي السيدة امنة ميرغني ، برجل الأعمال ازهري المبارك ، وبحسب خبر نشرته وكالة السودان للأنباء فان رجل الأعمال اعلن التزامه بتوريد كامل إنتاجه من الذهب إلى بنك السودان المركزي .

قد يبدو الخبر عاديا إذا ما كان البنك المركزي يعمل بنفس السياسة الاحتكارية التي تم الغائها قبل اقل من شهر ، اذ انه لم يكن هنالك اي خيار آخر امام المنتجين والمعدنيين غير البيع للبنك او التهريب . لكن مع قرار فك الاحتكار الذي أطاح بالمحافظ برعي الصديق قبل إعلانه بأيام قليلة فان الأمر يشير إلى قناعة وحس وطني من قطاع الأعمال المحلي في مساندة الدولة ودعم الاقتصاد في ظروف الحرب اللعينة .
عندما اصدر البنك المركزي منشورا اعلن عبره عن سياسة احتكار الذهب وفرض على المنتجين تسليم الانتاج للبنك المركزي كتبت اكثر من مقال اشرت خلاله إلى ان البنوك المركزية في العالم تشتر الذهب لبناء الاحتياطات وليس لتكون التاجر المحتكر . واشرت ايضا إلى خطا ان يتحول البنك المركزي لمنافس في السوق . غير ان مثل هذه السياسات تتخذها بعض البنوك المركزية بحذر شديد في الظروف الاستثنائية كما ظروف الحرب . وان التوقعات تشير إلى ان احتكار الدولة ربما ياتي بنتائج كارثية لجهة زيادة نشاط التهريب . وهو ما حدث وجعل الدولة تتراجع عن ذلك في زمن قصير.

لقد فشلت آليات ولوائح تُلزم الشركات المنتجة للذهب بتوريد الانتاج إلى البنك وفقًا لشروط تم الإعلان عنها والمتمثلة في مواعيد محددة للتوريد و المدة المحددة لتحويل حصيلة الصادرات بالعملة الأجنبية أو بتسليم الذهب نفسه.
بمثل ما فشلت العقوبات المنصوص عليها في حال الإخفاق في توريد الحصائل خلال المدة المحددة، ولاحظنا كل فترة يخرج البنك المركزي بإعلان قائمة لشركات وأفراد وإدراجهم في قوائم الحظر ويُمنع من إجراء عمليات مشابهة مستقبلًا، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية الأخرى.

ان دور رجال الأعمال كشركاء وطنيين يبرز في هذا الظرف الاستثنائي للبلاد باستشعار اهمية دعم الاقتصاد الوطني بعيدا عن القوانين المقيدة والعقوبات المفروضة . وهي التزامات اخلاقية من خلال ضخ الموارد في المواعين الرسمية للدولة ويعزز الأصول القومية ( الذهب ) ويقلل من الطلب على العملة الاجنبية ويحسن من سعر الصرف ويمنح الدولة القدرة على مواجهة الصدمات الاقتصادية والمالية التي تعانيها بلادنا في ظل استمرار الحرب اللعينة.

يُمثل الإطار التنظيمي لالتزام رجال الأعمال بتوريد إنتاجهم من الذهب إلى البنك المركزي لبناء احتياطات خطوة استراتيجية تهدف إلى تحويل الأصول التعدينية إلى قوة اقتصادية نقدية ملموسة. وهو تجسيد لمبدأ التكامل المؤسسي بين القطاع الخاص والمؤسسات المالية الرسمية، لدعم الاحتياطي الذهبي وضمان استقرار الاقتصاد الوطني في مواجهة تقلبات الأسواق العالمية.