*خبير مالي و اقتصادي* .
سجل الجنيه السوداني خلال الأيام الماضية، تراجعا كبيرا و دراماتيكيا و تاريخيا لا مثيل له فى مقابل العملات الأجنبية، سواء فى البنوك و السوق الموازي معا, حيث سجل ارتفاعات كبيرة و مزعجة وفقا لتداول المتعاملين فى سوق العملات الأجنبية… فيما سجلت أسعار صرف الدولار في بعض البنوك تفاوتا و فوارق كبير ،، حيث كان سعر صرف الدولار المعلن في بنك الخرطوم ١٠٣٥ و بنك امدرمان ١٠٥٠ و بنك فيصل ١١٠٠.، و هذه الأسعار المصرفية المعلنة لسعر صرف الدولار من هذه البنوك، و بهذا تكون قد اقتربت أسعار البنوك من سعر صرف الدولار فى السوق الموازي، الذي وصل حوالي
١٣٠٠جنيه سوداني خلال الأيام الماضية .. و هذا التدهور الكبير في سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي، هو أحد آثار الحرب المندلعة فى السودان منذ ١٥ أبريل ٢٠٢٣. حيث ادت هذه الحرب الضروس إلى تدهور كبير فى قطاعات الإنتاج الحقيقية سواء الصناعي، الذي بلغت خسائرة و تعطلت أكثر من 70٪ مصانعة، و كذلك القطاع الزراعي الذي تعطلت كثير من مشروعاتة، مما دفع بتعويض نقص الإنتاج المحلي باستيراد السلع الضرورية و الأساسية للمواطنين من الخارج ، و هذا ما دفع بزيادة الطلب على النقد الأجنبي لمقابلة احتياجات هذا الاستيراد الملح، و الضروري…
هذا التدهور المريع و الكارثي فى قيمة الجنيه السوداني مؤخرا ، ينظر له باعتبارة كمؤشر لدخول الاقتصادي السوداني مرحلة الانهيار الاقتصادي، الذي بدأت ملامحة تتمظهر فى الراهن اللحظي ، و سيستمر هذا التراجع مستقبلا، و من المتوقع قريبا، ان يتخطى سعر صرف الدولار الفين جنيه سوداني خلال الثلاث أشهر القادمة….
علي بنك السودان المركزي ان يتدخل و اتخاذ حزمة إجراءات و تدابير لمعالجة هذا التدهور المريع ، بالتحكم في حجم الكتلة النقدية، الا فإن الانهيار الكامل للاقتصاد السوداني المتوقع فى المدي القصير ان يتحقق…. نسأل الله السلامة َ الفرج القريب… …
كذلك ينبغي على القيادة السياسية أن وجدت، و مافي حكمهم أن تلعب دورا متعاطما فى وقف نزيف و استنزاف هذه الحرب المدمرة باي كلفة ، التي لاشك ستؤثر بالمزيد من التدهور فى أداء المؤشرات الاقتصادية الكلية و ذلك من خلال المزيد من الصرف الحكومي على الحرب . فى ظل تراجع و انخفاض أداء الإيرادات العامة، مما يدفع قطعا بارتفاع معدلات التضخم فى المدى القريب ناهيك عن البعيد ، و التي حتما ستؤدي الى المزيد من التدهور فى قيمة العملة الوطنية….
النظر في الحرب و تداعياتها الاقتصادية و المعيشية و الكلفة الإنسانية الباهظة واجب كل وطني غيور على مستقبل السودان و نهضتة..