رصد_ اخبار السودان
تحقيق لمنصة “تشاد ون” عن تحول الحكومة التشادية لتاجر سلاح يقوم بشراء منظومات الدفاع الجوي الصينية بتمويل من سلطة أبوظبي ومن ثم نقلها من مخازن القوات التشادية الى داخل السودان لمحاصرة وتجويع الفاشر وتحصين المُدن المحتلة في غرب البلاد من الطيران الحربي
في الظاهر، بدا الأمر وكأنه مجرد عملية بسيطة لتعزيز القدرات العسكرية. ففي فبراير 2025، وقّعت القوات الجوية التشادية، عبر هيئة أركانها، خطاب نوايا لاقتناء منظومة دفاع جوي من طراز FB 10-A من مجموعة صينية كبرى مملوكة للدولة. بلغت قيمة الصفقة عدة عشرات من ملايين الدولارات، سُددت عبر تحويل مصرفي بعملة الدولار الأمريكي. لكن وفقًا لمعلوماتنا الحصرية، المؤكدة بسلسلة من الوثائق السرية التي حصلت عليها TchadOne، فإن هذا السلاح لم يخدم تشاد قط. فما إن تم تسليمه حتى اختفى من مخازن الجيش وظهر في السودان، في انتهاك صارخ للحظر الدولي.
ويبرز اسمان في الصفوف الأولى: الجنرال أمين إدريس، رئيس أركان سلاح الجو، والجنرال غوجي غويليه همتشي، نائب مدير جهاز الأمن الوطني (ANS). الأخير، الذي يُعرّف نفسه باسم “حسين غيليه همتشي” في وثائق سفره، يحمل جواز سفر دبلوماسيًا استخدمه لتوقيع الصفقة وتسهيلها. الوثائق التي ننشرها تُظهر المراسلات الرسمية الموقعة بأسمائهم، إضافة إلى جوازات السفر التي استُعملت في اللقاءات مع الطرف الصيني. ووفقًا لمصادر في الرئاسة، فقد تم تمويل الصفقة من أموال إماراتية، ضمن ترتيب ثلاثي يربط بين دبي وبكين ونجامينا. وقال مصدر من TchadOne في وزارة الخارجية: “لقد جرى إعداد كل شيء لإخفاء مصدر الأموال وتبرئة طرف ثالث لا يريد أن تتسخ يداه”.
وتتقاطع هذه المعلومات مع استنتاجات تقرير سري صادر عن فريق خبراء الأمم المتحدة حول السودان، اطلعنا عليه. يؤكد التقرير أن المنظومة FB 10-A التي اشترتها تشاد تم رصدها في السودان، مستخدمة من قبل قوات تنتهك الحظر الساري. وبحسب خبراء الأمم المتحدة، لا شك في تورط مقربين من محمد كاكا في هذا النقل غير المشروع.
وبعيدًا عن الفضيحة العسكرية، فإن صورة البلاد نفسها باتت على المحك. فبهذا السلوك، يضع نظام محمد كاكا تشاد في خانة “الدول المارقة”، القادرة على تغذية نزاع إقليمي من أجل مصالح مالية وسياسية ضيقة. ويلخص دبلوماسي إفريقي مقيم في نجامينا الوضع بقوله: “إنها عملية تحويل الدولة إلى ناقل لحساب مافيا عسكرية-عائلية”. ففي وقت تهدد فيه المجاعة وتفتقر المستشفيات إلى كل شيء، يقوم النظام بتحويل ملايين الدولارات لتمويل الحرب في دولة مجاورة. إنها منطق قاتل يعيد إلى الأذهان أسوأ أشكال التهريب خلال الحقبة الليبية، عندما كانت شحنات الأسلحة تمر في الظل بين أروقة الدبلوماسية.
تمتلك TchadOne مئات الصفحات من “مديرية الاحتياطيات الاستراتيجية” (DGRS) التابعة مباشرة للرئاسة. هذه الوثائق تكشف حجم الشبكة: فواتير مزورة، صفقات أسلحة محوّلة، دوائر مصرفية أوفشور، وتواطؤات دولية. وسننشر قريبًا سلسلة من التحقيقات المتعمقة حول هذا الجهاز، مدعومة بالأدلة. فخلف هذا الاتجار بالسلاح، يظهر نظام كامل مجرد من أوراق التستر: سلطة لا تعيش إلا بالكذب والتهريب والحرب، محكومة عاجلًا أم آجلًا بالمحاسبة أمام التاريخ وأمام العدالة الدولية.
مراسلة خاصة لـ TchadOne من انجامينا
#شموخ