بروفيسور صلاح محمد إبراهيم_ العودة إلى الخرطوم

مدينة الخرطوم هي مكان نشأت الدولة الحديثة في السودان وهي شارع القصر وشارع الجمهورية وشارع الجامعة وشارع المك نمر وشارع المطار، هي موطن سيادة الدولة السودانية منذ فجر الاستقلال حيث يوجد القصر الجمهوري والعلم الذي يرمز لسيادة الدولة ومقر الحكومة المركزية ورأس الدولة.
لن يشعر المواطنون بالأمان ويتدافعون للعودة ما لم تنتقل الحكومة إلى الخرطوم بما هو متاح من مقرات ليس بالضرورة في وسط المدينة وحول شارع النيل والقصر.
والي الخرطوم يقوم بدور بطولي ولكن ذلك وحده ليس كافياً… صيانة الشوارع وإزالة مخلفات الحرب عمل رائع.. هناك شعور عام بعدم الأمان في ظل غياب رمز السيادة والحكومة المركزية.
عودة حكومة كامل إدريس إلى الخرطوم وفتح المطار جزئياً تعزز الشعور بالاستقرار وتعجل بعودة الطيور المهاجرة أو النازحة إلى دوحتها الخرطوم… خاصة ونحن مقبلون على بداية العام الدراسي على كل المستويات التعليمية من مدارس وجامعات وكلها تتطلب عودة الأسر والطلاب …. لقد كانت الخرطوم قبل الحرب عبارة عن ( كوشة) كبيرة ولعل أقرب مثل ما كان يحدث في شارع الحرية وشارع عبدالمنعم في قلب السوق العربي والسوق المركزي بالخرطوم وغيرها من مناطق أخرى في بحري وأمدرمان… ومع ذلك ظل الناس يشعرون بأن هناك الحد الأدنى من الأمن ولم يغادروا منازلهم أو مدينتهم … تعايشوا مع تلك الأوضاع المزرية وملايين الأجانب الذين كانوا يتاجرون في الأسواق ويقودون (الركشات) وينتشرون في أهم الشوارع الرئيسية يمارسون التسول وقضاء الحاجة ويستأجرون المنازل أو ينامون في أزقة السوق العربي دون أوراق ثبوتية…كل ذلك تحمله سكان الخرطوم لأنه كان يوجد شعور بالأمان في ظل ذلك العلم المرفوع في سارية القصر الجمهوري ومقر المديرية القديم الذي انتقل إليه مجلس الوزراء.
إذا ما كان هناك من دعوة أو رغبة أو ضرورة لعودة المواطنين إلى مدينة الخرطوم بالتحديد التي هي قلب الدولة وموطن السيادة فلن يحدث ذلك بالسرعة المرجوة دون انتقال سريع إليها دون الالتفات إلى حكاية مطار بورتسودان والبعثات الأجنبية والتوصل مع العالم الخارجي.. سوف تضطر البعثات إلى العودة مع الحكومة وفتح مقراتها مع فتح مطار الخرطوم جزئياً.