إبراهيم احمد الحسن يكتب محمد يوسف موسى .. حسنك أمر

(1)
رفعت كوب الشاي لأرشف منه الضيافة التي كانت حاضرة بكل ترحابها وأحضانها الدافئة في منزله العامر محمد يوسف موسى في تلكم الليلة التى كان يرسم الحزن كل معالمها ومع ذلك صيرت شفافية من أجالسه من ذلك الحزن شيئا عميقاً يملأ عليك اقطار نفسك ، تتحسسه ولا تتبين موضعه .
(2)
قلت له استاذ ( الشوق بحور ما ليها قيف ما ليها حد ) . ابتسم في حزن اخذ نفساً عميقاً ثم قال ( وا لهفتي !! وا لهفة القلب الحنين / وا لوعتو / شايل عذاب الغربة وينتظر يوم يوم عودتو) .
قلت له استاذ انها ( حسنك أمر ) ، اتى بها محمد يوسف موسى من اعماق القلب الرهيف باللهفة كلها ، انها كلمات انسان أضناهو في درب السفر تعب ميلاد القصيد كل القصيد وليس (حسنك امر وحدها ) . انها حسنك امر .
(3)
انها استاذي كلمات تعبر عن شخص مأمور ، أمره الحسن ان يحمل صبابات الهوى ويحمل وحده نار الشوق والجوى ومع ذلك لا مل قلبه ولا فتر ، ياً لهذا القلب الذي ذاب يا لهذا القلب الحنين الرهيف الذي نسج قصيد حسنك امر من غزل الضنى وغزل الضنى ، وغزل الاولى قطعاً هي ليست الثانية ، تشكيل الحروف بأنى بالفرق ، بين الفتحة والسكون ، فالسكون تجعل الغزل مرحلة اولى من نسج القصيد ، وفي ذات الكلمة فتح حرف الزاي يجعل منها غزل مما يتوه في دربه الشعراء . وتجعل محمد يوسف يغني حسنك امر .
( 4)
هذا القلب الذي اتى بحسنك امر من اعماق وادي عبقر قصيد يسير بذكرها الركبان ويتغنى بها الفنان صلاح بن البادية لا كل قلبه ولا فتر ويرددها معه السودانيون طُراً حُباً وجمال لا كلت قلوبهم ولا فترت . هذا القلب واا لوعتو لو ما رجع من غربته. هذا القلب الحنين حامل اللهفة والغربة والشوق والعذاب وا لوعتو عند مرارة الانتظار ، انتظار أوبته من غربته ؟ ماذا لديه غير ان يغني حسنك امر .
(5)
ويرتاح !!
يرتاح قلب الشاعر والفنان عندما يتوسد خُصل الوطن ويغني حسنك امر .
(6)
تحدثنا عن بطل القصيدة هذا القلب الصبور ومع كل ما فيه من رهف ويعانيه من الم وجوى إلا انه حابس دمعته ، كيف بالله من أضناه طول السفر يستطيع ان يحبس دمعته . هذه الدمعات الحرى إن لم تفك أسرها المقل وتدعها تسيل وتنحدر فوق الخدود فإنها ترشح الي الداخل تتوهط الأعماق وتهدي للعالمين حسنك امر . هذا القلب الذى أضناه البحث في مشوار سفره الطويل عن لحظة يهجد فيها وعندما لم يجدها صاح مغرداً ولا لهفتي وا ضيعتى وا غربتي ثم غنى حسنك امر .
(7)
اصرار بطل قصيد حسنك امر يجعل منه محمد يوسف موسى اسطورة في التحدي ، ليس تحدى معاندة الذات ولكنه تحدي شفيف لمعاناة تمتد فحالما يعبر بحر يمتد تاني بحر جديد ويقول محمد يوسف موسى احتار واقيف !! ثم يستنجد بطل القصيد ب من أمره حسنه ويسأله : (احترت كيف اقدر اصل / قل لي كيف ؟ بالله كيف ؟ ) . جمع محمد يوسف موسى هنا الاصرار والرجاء والسؤال في بالله كيف ؟ ثم مضى يغني حسنك أمر .
(8)
في غياب القمر جعل محمد يوسف موسى بطل قصيده يمخر عباب الليل في قارب لا يبدو في افقه اي خيط من ضؤ وصيره غارقاً في بحرٍ من الليل بما حمل من وجد وشوق في ليلة ظلماء تمتد بحورها ليل بعد ليل بعد ليل كلما عبر احداها تبدى امامه بحر ليل جديد ، فيظل يمخر العباب بلا قمر وبلا قيف في الافق . ليل صعب فيه درب الوصول ومع ذلك صاح لازم .. لازم ..لازم اصل وغنى حسنك أمر .
(9)
جعل محمد يوسف موسى بطل قصيده الصنديد يتوسد آفاق التحدي ويصدح في وجدٍ وطرب ( ما بتشتكي في دربك قلوب ما بتذرف الدمعات مقل / حسنك امر / نتحدى دربك لو يطول / ومين غيرنا نحن البحتمل ) ، غنى محمد يوسف موسى حسنك امر ! واتفقنا !!
( 10)
اتفقت مع محمد يوسف موسى علي كلمة سواء ، علي سؤال لم نك نملك له وقتها اجابة ( ايه يعني لحظات انتظار ؟ ). ثم اتفقنا بلا هوادة علي ( مين غيرنا نحن البحتمل ؟ ) (وايه يعنى درب الهجير للكله نيران تشتعل ؟ )اتفقنا علي كل ذلك قبل ان نغني معاً : حسنك امر !!