أن الذي اقعد السيد محمد عثمان الميرغني عن العمل العام و السياسية بصفة خاصة كبر السن… يقول الله تعالى في سورة النحل أية 70″ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ ثُمَّ يَتَوَفَّىٰكُمۡۚ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰٓ أَرۡذَلِ ٱلۡعُمُرِ لِكَيۡ لَا يَعۡلَمَ بَعۡدَ عِلۡمٖ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٞ قَدِيرٞ” فالرجل بات إضافة في بيانات تصدر بأسمه، دون أن يكون للرجل فيها دخلا، و لا يعرف حتى أن هناك بيانات صادرة بإسمه، المعلوم لكل السودانيين أن أبناء السيد محمد عثمان الميرغني لم يدرسوا مع السودانيين في مدارسهم، و لم يخالطوا الناس حتى في أفراحهم و أتراحهم، و لم يمارسوا نشاطات اجتماعية و لا سياسية و غيرها في المجتمع السوداني .. كل ذلك كان أعتقاد عند الميرغني أنه سوف يمنحهم القدسية التي تجعل أغلبية مريديهم في الطريق و غيرها يكونوا في خدمتهم و طوع بنانهم و هي الطريقة التي سوف تحافظ لمكانة البيت و مصالحهم..
قال محمد الحسن عبد الله يسن لمجلة الشروق في 12 يونيو 1995عندما ابتعد عن النشاط السياسي ( كنت واحدا من العشرة الذين كلفوا على اندماج الحزب الوطني الاتحادي و حزب الشعب الديمقراطي و الذي أصبح ” الاتحادي الديمقراطي” الحزب أصبح ” سمك لبن تمرهندي” خليط للثلاثة دون أن يقدم نتيجة… غابت الديمقراطية و ضربته الشللية) و قال عنه السيد محمد سرالختم الميرغني في لقاء مع صحيفة ” الصحافي الدولي” 27 يونيو 2000 قال ( كانت في الحزب عدة مدارس هي التي كانت تعطي الحزب حيويته و فاعليته و نشاطه لأنها تخلق تنافسا في السياسة و الفكر و الثقافة و التصورات.. و هي التي توسع دائرة الحرية و الديمقراطية داخل الحزب.. لكن للأسف الآن ضاقت مساحات الحرية و انكفأ الحزب على نفسه و غاب عن الأحداث) و كان محمد توفيق أحمد قال عندما سأته عن سبب تقديم استقالته من وزارة الخارجية من الفندق الذي كان ينزل فيه في القاهرة.. قال (أنني قلت رأي منذ الاندماج الحزبين 1967 أنه سوف يكون سببا في خروج الاتحاديين من المعادلات السياسية في المستقبل)..
بعد ثورة سبتمبر 2013م خرج الميرغني من السودان و لم يعود إلا بعد ثورة ديسمبر بشهور، رغم أن حزبه كان مشاركا في الإنقاذ حتى سقوطها، و في تلك الفترة بدأ صراع الأخوة لخلافة والدهم في قيادة الحزب، عندما تم تعين الحسن مسؤولا للتنظيم أصدر قرارات في تلك الفترة أبعد بموجبها قيادات أطلق عليها ” الدواعش” و لكنهم لم يستجيبوا لقرار الفصل، و ذهبوا للقاهرة لمقابلة السيد محمد عثمان الميرغني، و قد تبين لهم الأمر أن القرارات لا تصدر من السيد الميرغني، أنما الحاشية التي تحيط به و تضرب عليه حصارا. و تم الاتفاق معه بإصدار قرار يجعل جعفر نائبا للرئيس، و بالتالي هو الذي سوف يعيدهم لمواقعهم و يستطيعوا بعد ذلك مواجهة الحسن..
عندما صدر بيان من الحزب الاتحادي بأسم المراقب العام للحزب بأن إبراهيم الميرغني فصل من الحزب.. قال إبراهيم الميرغني ” Out of order” و الذين يصدرون القرارات هؤلاء يستخدموا أسم الميرغني دون علمه.. و نسيت تلك القيادات أن الصراع السياسي داخل الحزب هو صراع مصالح شخصية بين المجموعة التي حول الميرغني، و هذه المصالح لابد أن تتضارب فيما بينها، و بعدها سوف تتبين الحقائق بشكل واضح.. و بالفعل تضاربت المصالح بين الذين كانوا محتضنين جعفر الميرغني، لذلك سعت مجموعة إلي إقناع المحجوب بن الميرغني لكي يصبح ضلعا ثالثا في الصراع، و أصبح كل جانب يصدر قرارات بأسم الميرغني و يعين عناصر جديدة تساعدهم على الصراع.. الآن صبح داخل الاتحادي الديمقراطي الأصل ثلاث كتل.. كل كتلة يقودها واحدا من أبناء الميرغني و يعتقد هو الخط الموالي للميرغني و الكتل الأخرى تتكون من مجموعات تبحث عن مصالحها الخاصة..
قبل ثورة ديسمبر كانت مصر تتدخل لحل الإشكالات التي كانت تواجه الاتحادي الأصل و تقدم الاستشارة و المشورة، و بحكم العلاقات التي كانت تربط القيادات المصرية القديمة بالقيادات الاتحادية.. و لكن مصر بدأت تغير إستراتيجيتها بعد ثورة ديسمبر، حيث أكتشفت أن الاتحاديين في البناءات القديمة لم يصبحوا لهم دورا فاعلا في مجريات السياسة في السودان، و اصبحوا على هامش الأحداث بسبب الصراعات الدائر بين الكتلة التي تلتف حول الميرغني، و هي صراعات ليس لها علاقة بالوطن و لا بالمواطن أنما أسبابها مصالح شخصية تحاول أن تجد لها موطيء قدم في أية سلطة تقبل بمشاركتهم، حتى إذا كانوا “مضاف إليه” مثل مشاركتهم في “الإنقاذ” تقدم لهم وظائف دون أن يكون لهم دخلا في القرارات.. حتى الوزير لا داخل له في وزارته..و كان ابناء الميرغني لا اختصاصات لهم غير استلام المرتب أخر كل شهر.. حتى بدأت أصوات تطالبهم من أخذ الأجر عليه بالعمل…
السؤال موجه إلي ابناء الميرغني جميعا اليس للأبوة أحترامها و توقيرها..؟ كيف تقبلون أن تصدروا بيانات بأسمه، و انتم تعلمون أن الرجل بلغ من العمر عتية، لا يركز فيما يفعل.. ثم تصدرون قرارات و تجلسونه أمام الكاميرات كحجة أنه موافق فيما تفعلون.. اليس من الأفضل تجلسوا سويا و تختاروا بينكم من يصلح للقيادة.. و إذا ضرب بينكم الخلاف و ذهب كل في حال سبيله لن تجدوا الحزب و لا الطريقة التي تلتحفون بقدسية ثوبها، و أسلم طريق هو طريق المؤتمر العالم الذي بعطي الحق للقاعدة العريضة أن تختار قيادتها و تعيد للحزب فاعليته بعيدا عن المصالح الشخصية الضيقة.. و اتعظوا أن الأجيال الجديد و التعليم و وسائط الإعلام لن تعطي للقدسية مكانة إذا كان أصحابها أيضا ساعين بين الناس للمصالح الخاصة و الجري وراء ملذات الدنيا و شهواتها… نسأل الله حسن البصيرة