هل يمكن للدماء في الشرايين أن تتحول إلى غصة في القلب، لا تجري ولا تستقر؟
وهل يمكن للأكسجين أن يتبخر فجأة ويختفي ويرتفع كما الدخان؟
يا أهل الطب هل يمكن أن تعمى العيون لثوان فلا ترى ولا تُبصر ؟
وهل يمكن للوطن كله أن يصير كما الطفل في باطن يديك لتحميه من الخوف؟
وهل ياترى من الخوف احتماء عندما ينقض ؟
*أيها القائد*
لقد دنست المليشيات أرضنا، ودخل الجنجويد بيوتنا، و انتشرت رائحتهم القذرة في شوارع الفاشر، فاختنق الأكسجين، وهرب الناس خوف بطشهم، فروا من أمامهم ، لأنهم ليسو بشر، فلا عهد لهم، ولا أمان ولا كلمة، ذلك ديدن الخائنين والله لا يحب الخائنين ذلك عهد الله معنا
أن هذه الجرائم لن تُضعف عزيمتكم *أيها القائد*
بل ستزيدكم إصرارًا على التمسك بالحق، والدفاع عن وحدة السودان وأمنه وكرامة مواطنيه، إنّ ما حدث في الفاشر فاجعة وطنية تؤكّد حجم التضحيات التي يقدّمها أبناء السودان من أجل كرامته ووحدته، ونسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل سوء.
لقد وحدّت الفاشر الوجدان السوداني وصرت انت ملهم لقوات الميدان ومثال على الثبات والجَلد
سيكتب التاريخ كل ذلك، وسيبقى ما حدث في سفر الزمان..
مدينةً شامخةً استمات أهلها في الدفاع عنها، مدبنةً ذات تاريخ ومجد وعلم ، غشيها ماغشيها من لفح الشياطين الفجرة، وجاءها الخذلان كما الصرخة فجرا
أكتب إليك لا لأرفع يدي معزيةً إياك، فلقد رفعتها من قبل في استشهاد الطاهر في حادثة احتراق الطائرة في مطار المدينة الساحليه قبل أعوام ومن بعده ارتقى العشرات من أبناء العمومة والأخوال.
أكتب إليك هنا لأقول لك
كم أنت رجلُ عظيم ، وأنني فخورة أني التقيتك يوما، وأن العظماء تبقى سيرتهم شاهدة على مر التاريخ والزمان ، ساطعة راسخة ثابتة .
إن الإبتلاء قدر العظماء، والصبر هو صفة الأبرار، والعزيمة للرجال والدربّة للشجعان، وللحروب أهلها ومقاتليها، وأنت كل ذلك…
ثقُلت الأحمال، وارتقت أرواح الأهل والاقارب قبل الاصدقاء والمقاتلين،
لكن ليس للشرف المستباح ثمن إلا أن يُسترد طاهرا
كله من أجل الوطن يرخص، ومن أجل البلاد يهون، والأرواح الغالية أمام هامة الفاشر تنحني
وجرح الفاشر سيظل نابضا نازفا دماءً حارة، مفتوحا دون حزن وبكاء.
مثل الفاشر، لانركن للحزن فيها وللعويل، بل تُحرك لها الجيوش، ويستردها الأبطال، ويتزاحم على بوابتها الشجعان
كله احتملته والقلب ينزف لكنه ينبض بالثقة في الله ووعده الحق
أعلم يقينا أنك كالجبال ثابت، كجبل أحد على عهد الوطن باقِ
ولجبل أحد وفاءُ ورائحة مسك وعهد لا يفوز بنوره كل الناس
ذلك شرف رفيع لا يناله إلا الصابرون الصادقون.
