إعادة بناء وتطوير القطاع المالي المتضرر عملية طويلة ومعقدة بالنظر إلى ما تسببت به حرب ١٥ أبريل من أضرار جسيمة للبنية التحتية المصرفية، وتآكل رؤوس الأموال، وتدهور العملة الوطنية، وفقدان ثقة الجمهور في النظام المالي. الامر الذي يجعل جهود الإصلاح ومعالجة هذه المشكلات واستعادة الاستقرار
ابرز التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي بعد الحرب .
تدمير البنية التحتية المادية من خلال ما تعرضت له فروع البنوك ومراكز البيانات للتدمير وتآكل رؤوس الأموال حيث ادت الحرب إلى خسائر كبيرة في أصول البنوك، مما يضعها على حافة الإفلاس.
تدهورت العملة الوطنية تبعها تضخم مفرط، مما قلل من القيمة الشرائية للأموال الموجودة في البنوك.
فقدان ثقة الجمهور اذ ادى الخوف من فقدان المدخرات، والقيود على السحب، وسرقة الأموال إلى سحب الودائع وتداول الأموال في “اقتصاد الظل”.
في هذا الواقع المؤلم الذي افرزته حرب الجنجويد على البلاد تشرع عدد من البنوك في عمليات الإصلاح الداخلي من خلال الخطة التي يقودها البنك المركزي لمرحلة ما بعد الحرب لعمليات اصلاح القطاع المصرفي.
تلاحظ ان بعض البنوك بدات في تغيير القيادات التنفيذية العليا .. هذا التغيير جمع ما بين خبرات تراكمية كما حدث في بنك تنمية الصادرات الذي اختار سليمان هاشم احد اهم شيوخ المصرفيين السودانيين ليتولى منصب المدير التنفيذي ..وما بين قيادات شابة تحمل رؤية علمية اكتسبتها عبر التخصص والدراسات العليا في كبرى الجامعات العالمية والعمل في مؤسسات اقتصادية ومالية دولية كما هو الحال في بنكي فيصل الاسلامي الذي أتى بأمين شبيكة رئيسا تنفيذيا ، وأمدرمان الوطني الذي أتى بالبروفسور عبّد المنعم محمد الطيب مديرا عاما .
الثلاثاء الماضي اجازت الجمعية العمومية لبنك امدرمان الوطني رفع راس مال البنك الاسمي من ٣٠ مليار إلى ٥٠ مليار جنيه وهذه خطوة مهمة جدا في بداية عمليات الإصلاح المصرفي لجهة ان ضعف رؤوس اموال البنوك هي الحلقة الأضعف في القطاع المصرفي السوداني .
البنك وبحسب خطاب رئيس مجلس ادارته الدكتور محمد الفاتح الفكي تمكن من استعادة انظمته المصرفية منذ بدايات الحرب عبر فروعه العاملة في الولايات الآمنة .وواصل في سياسة الانتشار المصرفي الجغرافي ، فرغم ظروف استمرار الحرب تمكن من افتتاح ثلاثة فروع وعدد من النوافذ المصرفية .
من النقاط المهمة لعملية الإصلاح التي يجب ان تسيير عليها جميع البنوك خلال الفترة القادمة هي مسالة التعاون المشترك لاستقطاب الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي ، وهو ما اشار له بروفسير عبد المنعم الطيب خلال اجتماعات الجمعية العمومية . كذلك تركيزه على سعي البنك لادخال عامة الجمهور في استخدام نظم الدفع الإلكتروني خاصة مستخدمي الهواتف التقليدية غير الذكية .
برغم ان بنك امدرمان الوطني يعد من البنوك القوية بحكم تركيبة مساهميه وظل طيلة الفترة الماضية من رواد القطاع المصرفي كما انه قدم الكثير من الخدمات الكبرى للدولة ولجمهور المتعاملين معه خلال الحرب ، لكن مع وجود قيادة تنفيذية بحجم السيرة الذاتية لبروفسور عبد المنعم الطيب الذي يعد من الخبراء الوطنيين في مجال المؤسسات الاقتصادية والمالية والمصرفية والاكاديمية نتوقع ان يقود بنك امدرمان الوطني العمل المصرفي بجانب المساهمة في بناء مادمرته الحرب بصورة اكثر كفاءة
