سمية سيد تكتب انا امدرمان سلام وامان الاوباش خارج امدرمان

دخول قوات كرري لتلتحم مع قوات المهندسين امس لم يكن بالنسبة لنا نحن ( ابناء امدرمان ) مجرد حدثا عسكريا لانهاء التمرد والقضاء على مليشيا الدعم السريع كواجب ومهمة في اطار خطة الدولة . بل هو حدث كبير يظل جزءا من المعارك التي خلدها التاريخ في ذاكرة الامة السودانية.

امدرمان ليست مجرد رقعة جغرافية تراضت مجموعة من اهل السودان ان تعيش وتتعايش وتنسى موطنها الاصلي .
ولا هي مساحة ارض تسكنها مجموعة متباينة ومختلفة اثنيا وقبليا ودينيا وثقافيا لتخلق وحدة سكانية اطلقت على نفسها ( ابناء امدرمان) .
ولا هي البقعة التي خرج عبر بوابتها المستعمر ، ورفع عبر برلمانها الازهري علم الاستقلال ، ولا هي الاحفاد التي قادت منارة تعليم المراة السودانية ، ولا هي نادي الهلال والمريخ والموردة ، ولا الاذاعة والتلفزيون ، ولا خليل فرح والكاشف والجابري .ولا بروفسيور علي شنو.
امدرمان ليست الطابية المقابلة النيل ولا قبة المهدي ولا حوش الخليفة ولا كنيسة المسالمة الانجيلية.
هي تلك المدينة الساحرة الزاهية التي جمعت متناقضات السودان وخلقت بينها تعايش سلمي فريد من نوعه .
حكى والدي رحمه الله ان جاره القبطي زاره اول يوم عيد الاضحى فحلف له ان ينتظر الفطور اعتذر الرجل بان خروفه معلق في ألباب.تعايش لن تجده الا في البقعة التي جمعت كل قبائل السودان والذين جاءوها من خارج الحدود .. مصريون .اتراك . هنود . شراكسة مغاربة . اكراد و . و
في امدرمان لا احد يذكر قبيلته الا نادرا .اذا سالت احدهم انت من وين ، ياتيك الرد.. من امدرمان .. لا جعلي لا غرباوي لا نوباوي ولا شايقي .. اولاد امدرمان .
كل بيت في امدرمان عبارة تحفة اثرية من الماضي وصورة جمالية من الحاضر.
كل حارة وكل شارع وكل زقاق يحمل اسما من عبق التاريخ وبطولات رجال كالاسود الضارية .
مدينة مقدسة لن يستطيع الشيطان ان يدنس ترابها .
صحيح قتلوا اهلها وشردوهم وحولهم الى نازحين ولاجئين ، اغتصبوا النساء ونهبوا البيوت
لكنهم لن يستطيعوا كسر ظهر اولاد امدرمان .
تحرير امدرمان يعني تحرير السودان بما تحمله امدرمان من رمزية كل اجزائها لنا وطن فكانت بالامس دموع رجال خلدوا اسمهم باحرف من نور في تاريخ امدرمان الحديث . انهم ابطال جيشنا وفخرنا وعزة وطنا . فخرنا في ان امدرمان العريقة اعلنت بداية رفع رايات التحرير والتي ستتواصل حتى خروج اخر مجرم منها ومن كل البلاد.
خرجت مليشيا الدعم السريع من معظم احياء امدرمان بعد تلاحم جيش كرري والمهندسين لتتم محاصرة من تبقى منهم ويصبح خيارهم الاستسلام او الموت.
خرجوا تلاحقهم لعنات اهل امدرمان ، ومساجدها وكنائسها ، وقباب واضرحة اولياء الله الصالحين