الأمم المتحدة تدين انتهاكات الدعم السريع فى دارفور

رصد _ اخبار السودان

قالت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان “يونيتامس”، الأربعاء، إن ما وصفتها بجماعات عربية مسلحة متحالفة مع قوات الدعم السريع ارتكبت “انتهاكات خطيرة” لحقوق الإنسان في ولاية غرب دارفور، فيما عبّرت الولايات المتحدة عن قلقها الشديد “إزاء تقارير من شهود عيان تفيد بارتكاب قوات الدعم السريع وفصائل مرتبطة بها “انتهاكات جسيمة”.

وذكرت البعثة في بيان أنها تلقت تقارير “مثيرة للقلق”، تفيد بأن هذه الجماعات المتحالفة مع الدعم السريع ارتكبت الانتهاكات في الفترة بين الرابع والسادس من نوفمبر، لا سيما في حي أردمتا بالجنينة في غرب دارفور.

وأشارت إلى أن هذه الانتهاكات جاءت عقب سيطرة قوات الدعم السريع على قاعدة فرقة المشاة الـ15 التابعة للجيش السوداني، لافتة إلى أن التقارير الواردة تفيد أيضاً بأن تلك الجماعات العربية “قتلت عدداً من المدنيين وأصابت كثيرين آخرين بجروح”.

وأضاف البيان أن هذه الجماعات شنت “حملة اعتقال واحتجاز للأشخاص المشتبه في تعاونهم مع القوات المسلحة السودانية، وذلك قبل سيطرة قوات الدعم السريع على قاعدتها”.

وأكدت البعثة أن موظفي حقوق الإنسان يتحققون حالياً من هذه التقارير “بما في ذلك عدد الضحايا وكل المسؤولين عن هذه الانتهاكات”.

“قلق شديد”
في السياق ذاته، عبّرت السفارة الأميركية في الخرطوم، الخميس، عن قلقها الشديد إزاء تقارير من شهود عيان تفيد بارتكاب قوات الدعم السريع وفصائل مرتبطة بها “انتهاكات جسيمة” لحقوق الإنسان بالسودان.

وأشارت السفارة الأميركية في الخرطوم، إلى تقارير تفيد باستهداف أفراد وشيوخ من قبيلة المساليت، والاعتقال التعسفي للمدنيين بما في ذلك مدافعون عن حقوق الإنسان ونشطاء.

وأضافت أن “هذه الأفعال المروعة تسلط الضوء مرة أخرى على نمط من الانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع فيما يتصل بحملتها العسكرية”.

ونبه البيان إلى أن الولايات المتحدة تذكر طرفي الصراع بالسودان بالتزاماتهما “بموجب إعلان جدة الموقع في 11 مايو لحماية المدنيين في السودان بما في ذلك السماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود، وحماية المدنيين وحقوق الإنسان والالتزام بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.

عمليات قتل عرقية
وقال أشخاص فروا إلى تشاد إن عمليات القتل ذات الدوافع العرقية زادت في ولاية غرب دارفور، مع سيطرة قوات الدعم السريع على القاعدة العسكرية الرئيسية في الجنينة عاصمة الولاية.

ونقلت وكالة “رويترز” عن مجموعة من الرجال الفارين من دارفور إلى تشاد عند منطقة أدري، على بعد نحو 27 كيلومتراً غربي الجنينة، أنهم رأوا عمليات قتل على أيدي الميليشيات العربية وقوات الدعم السريع التي استهدفت جماعة المساليت العرقية في أردمتا، وهي منطقة نائية في الجنينة تضم قاعدة للجيش ومخيماً للنازحين.

ولم ترد قوات الدعم السريع حتى الآن على طلب للتعليق، ولم يتسن لـ”رويترز” التحقق، مما حدث من مصادر مستقلة.

وكانت الوكالة قد ذكرت في وقت سابق، أن قوات الدعم السريع والمليشيات العربية المتحالفة معها نفذت من أبريل وحتى يونيو الماضيين، هجمات منهجية استهدفت قبيلة المساليت المنحدرة من عرق إفريقي، والتي تشكل أغلبية سكان الجنينة، مع احتدام الصراع بين القوات شبه العسكرية والجيش السوداني.

ونفى زعماء القبائل العربية علانية اشتراكهم في عمليات التطهير العرقي في الجنينة، بينما قالت قوات الدعم السريع في وقت سابق إنها لم تشارك في ما وصفته بالصراع القبلي.

وقال وسطاء، الثلاثاء، إن الأطراف المتحاربة اتفقت خلال محادثات في جدة على تسهيل توصيل المساعدات وإجراءات بناء الثقة، لكن جهود وقف لإطلاق النار تبوء بالفشل حتى الآن.

وقال نبيل مكسيا، الذي يعمل ممرضاً، إن الهجوم على قاعدة الجيش في أردمتا بدأ أوائل الأسبوع الماضي، وصاحبه قصف الميليشيات لبعض المنازل في مخيم للنازحين داخلياً. وقال إنه عبر إلى تشاد بعد أن اعتقلته قوات الدعم السريع على الحدود، ودفع أموالاً لإطلاق سراحه.

وأضاف أنه رأى قوات الدعم السريع تقتل مدنيين بالنار خلال مداهمات لمخيم أردمتا، وكانوا يجبرون الرجال على الوقوف في صفوف قبل أن يعدموهم. وشأنه شأن آخرين، انتقل مكسيا إلى أردمتا وسط آمال في أن يشملهم الجيش بحمايته، بعد الهجمات التي وقعت في أماكن أخرى في الجنينة في وقت سابق من هذا العام.

انسحاب الجيش
وقال جندي بالجيش فر من قاعدة أردمتا إن هجوماً بطائرات مسيرة دمر الأنظمة الدفاعية في القاعدة، في وقت مبكر الجمعة.

وأضاف الجندي الذي طلب عدم نشر اسمه أن القادة العسكريين غادروا القاعدة بحلول صباح السبت.

ومع انسحاب قوات الجيش من القاعدة، جمَّع زعماء المجتمعات المحلية في أردمتا الأسلحة التي كانوا يستخدمونها للدفاع عن أنفسهم في محاولة لتأمين ممر آمن للمدنيين، حسبما قال مكسيا وشرف الدين آدم وهو لاجئ آخر من المدنيين وصل إلى تشاد.

وقال آدم إن السكان الذين تمكنوا من الوصول إلى مركبات وعربات تمكنوا من الفرار، مشيراً إلى أن قوات الدعم السريع ألقت القبض على آخرين، أو أجبرتهم على العمل، قبل أن توقف العشرات منهم في صفوف وتعدمهم في منطقة “كوبري” في أردمتا بعد منتصف نهار الأحد.

وأضاف أنه رأى عشرات الجثث لمدنيين ملقاة في الشوارع، كما تعرض أفراد آخرون للضرب والجلد.

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن الصراع في السودان تسبب في أزمة إنسانية كبيرة ونزوح أكثر من 6 ملايين، مضيفة أن أكثر من 500 ألف شخص عبروا الحدود إلى تشاد، معظمهم من غرب دارفور.

أما منظمة “أطباء بلا حدود” الخيرية، فتقول إن عدد اللاجئين الذين وصلوا إلى تشاد ارتفع بشدة في الأيام الثلاثة الأولى من نوفمبر، ليصل إلى 7 آلاف.

وأضافت أن معظم اللاجئين كانوا من النساء والأطفال، الذين تحدث العديد منهم عن أعمال عنف واسعة النطاق ضد المدنيين.

اقرأ أيضاًarticle image
السودان.. “الدعم السريع” يسيطر على الجنينة ويتوعد الفاشر وبورتسودان
أعلنت قوات الدعم السريع، السبت، سيطرتها على مقر الجيش السوداني في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، مشيرةً إلى أنها ستتجه للفاشر وبورتسودان.

وقالت قوات حرس الحدود في تشاد إن العدد اليومي للفارين من غرب دارفور ارتفع إلى 3 آلاف و146 السبت.

وذكر مسؤولون بالأمم المتحدة في تشاد أنه كان من المتوقع أن يعبر آلاف آخرون الحدود، لكن قوات الدعم السريع منعتهم من ذلك، وطلبت منهم مالاً مقابل عبورهم.

أقارب في عداد المفقودين
قالت شاهدة أخرى تدعى مشاعر عمر أحمد إن الميليشيات وقوات الدعم السريع أعدمت أكثر من 30 رجلاً في المنطقة “ب” في أردمتا بعد فصلهم عن النساء.

وأضافت وهي تحمل ابنتها البالغة من العمر 6 أشهر: “سألوا الرجال إذا كانوا من المساليت، ولم ينفوا ذلك”. وقالت إن 10 من أفراد أسرتها مفقودون منذ الأحد.

وقالت سارة آدم إدريس (30 عاماً)، إن زوجها وإخوتها ورجالاً آخرين في عائلتها فُقدوا بعد الهجوم، وأضافت أن منفذي الهجوم داهموا مخيم النازحين في أردمتا صباح الأحد.

وذكرت أنه على الرغم من محاولة زعماء القبائل الحصول على ضمانات لتوفير ممر آمن، فقد اقتحمت قوات الدعم السريع المخيم، وأحرقت المنازل ونهبتها وقتلت الرجال.

وقال الجندي الذي فضل عدم ذكر اسمه إنه عندما وصل إلى الحدود مع تشاد تظاهر بأنه مدني، وأنكر أنه من المساليت من أجل المرور.

وأضاف أن أفراداً من قوات حرس الحدود التابعة للدعم السريع أخذوا رجلاً آخر، بعد أن وجدوا على هاتفه صورة له بالزي العسكري.

وقال عبد الكريم رحمن يعقوب، وهو سائق شاحنة وصل إلى تشاد بعد أن تظاهر بأنه ليس من المساليت، إنه رأى قوات الدعم السريع تقتل رجلين آخرين بناء على هويتهما.

وقال الجندي بالجيش مالك آدم مطر إبراهيم “42 عاماً”، إنه فر من أردمتا في قافلة مكونة من 15 مركبة على الأقل، تقل مقاتلين ومدنيين هاجمتها قوات الدعم السريع بقذائف صاروخية أثناء محاولتها الوصول إلى تشاد عبر طريق جبلي أطول. وأضاف أن اثنين فقط من بين 27 شخصاً كانوا في مركبته تمكنوا من الفرار.

ووصف توبي هاروارد، وهو مسؤول كبير في الأمم المتحدة معني بالوضع في دارفور، التقارير والصور الواردة من أردمتا بأنها “مقززة”. وطلب في منشور على منصة إكس (تويتر سابقاً) من المسؤولين حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إليهم دون قيود.

تصنيفات
السودان
قصص قد تهمك
سياسة
السودان.. كيف تبدو حياة سكان نيالا فوق ركام الحرب؟
سياسة
“الدمار طال كل شيء”.. نيران الحرب تدمر اقتصاد السودان
تقارير
“يونيسف”: السودان يسجل

وضعت قوات الدعم السريع، يدها على مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، بعد انحساب الفرقة الـ16 التابعة للجيش السوداني من المدينة عقب أشهر من المواجهات والقصف المتبادل، ما يعد نقطة تحول في الحرب الممتدة منذ قرابة 7 أشهر.

وشهدت نيالا موجات من القتال العنيف، وأودى القصف الجوي والمدفعي بحياة العشرات، ودمر منازل المدنيين وعطّل الخدمات الأساسية، فيما نزح ما لا يقل عن 670 ألف شخص من سكان ولاية جنوب دارفور من منازلهم، بحسب وكالة “رويترز”.

وخلال عمر المواجهات بين الجيش والدعم السريع تعطلت أجزاء من المدينة بسبب القتال، وتوقف سوقها الكبير من العمل، إلى جانب معظم المستشفيات.

ولا تملك الجهات الرسمية تقديرات بشأن عدد الضحايا، بسبب صعوبة الوصول إلى الجثامين، والتي كانت في ساحة المعركة التي دارت في محيط قيادة الفرقة الـ16 وأحياء سكنية متاخمة لها مثل “الجير” و”النهضة”.

وشاهد من بقي من سكان نيالا الذي نزح معظمهم إلى خارج المدينة، واقعاً جديداً بعد أن حاولوا الخروج لتقصي الأوضاع، ورؤية الدمار الذي طال المدينة جراء الاشتباكات التي استمرت أشهراً.

وقال علي وهو أحد سكان نيالا الذين فضلوا الحديث لـ”الشرق” بهذا الاسم المستعار، إن “جميع سكان أحياء النهضة والجير وأحياء أخرى قريبة من قيادة الفرقة الـ16 في حالة هلع وخوف من بطش الدعم السريع عقب سيطرته على كل المدينة”.

وأشار علي إلى أنه “تم اعتقال عدد من شباب المدينة بحجة اتهامهم بالتعاون مع استخبارات الجيش، أو بتهمة حفر متاريس في مداخل الأحياء لمنع تقدم الدعم السريع”.

وذكر علي أن “هذه المتاريس كانت لمنع اللصوص والمتفلتين من التوغل لأحيائنا وسرقتها”، لافتاً إلى “وجود ارتكازات للدعم السريع حالياً في كل أجزاء المدينة حيث يُدَقَّق في الهويات والوجهات”.

وأوضح علي أن “النزوح مستمر لخارج المدينة، وذلك بمعاونة القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة أو بصورة فردية”، لكنه أضاف: “هناك كثير من سكان نيالا يتواجدون فيها، إما خوفاً من الخروج أو لعدم القدرة المالية”.

أما مادبو وهو أيضاً من سكان نيالا وصف الأوضاع بـ”الصعبة خلال أول يومين عقب خروج الجيش”، وقال: “شهدت المدينة حالات نهب واسعة، إلا أن الأوضاع تبدلت وتتجه نحو الهدوء، وبدأ الناس يعودون إلى نشاطهم، كما أن لدي معلومات بأن هناك محاولة لتشغيل مستشفى نيالا التعليمي بمشاركة مجموعة من الأطباء بالمدينة لاستقبال المرضى والجرحى”.

ونشرت صفحة “ملاعب نيالا” على فيسبوك صوراً قالت إنها للدمار الذي طال استاد نيالا لكرة القدم، فيما نشرت صفحات أخرى دماراً وأثار نهب طالت سوق المدينة الكبير.

وعقب دخولها مقر قيادة الفرقة الـ16، سارعت قوات الدعم السريع بدعوة المواطنين إلى عدم الهلع والعودة إلى حياتهم الطبيعية، وذلك عبر مخاطبة لقائد ثاني قوات السريع عبد الرحيم دقلو، والذي كان يقود المعارك، وحشد لها وفق شهود عيان، مجموعات قبلية مناصرة للدعم السريع في الإقليم.

وقد تشكل السيطرة على عاصمة ولاية جنوب دارفور في غرب السودان نقطة تحول في الحرب الممتدة منذ قرابة 7 أشهر، وتأتي في وقت من المقرر أن يستأنف فيه الجيش السوداني والدعم السريع المفاوضات في مدينة جدة السعودية.

وتعد مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، وهي ثاني أكبر مدينة في البلاد بعد الخرطوم، وتبعد عنها حوالي ألف كيلو، وتتقاطع عندها الطرق من شرق وغرب دارفور وشمالها.

كما لدى ولاية جنوب دارفور حدوداً برية مع دولتي جنوب السودان وإفريقيا الوسطى ما يزيد أهمية المدينة التي تملك مطاراً إلى جانب موقعها الاستراتيجي في حركة النقل البري بين مدن الولاية وبقية أجزاء إقليم دارفور مترامي الأطراف.

وتضم نيالا مجموعات سكانية مختلفة من القبائل الإفريقية والعربية، مثل “الداجو” و”الفور” و”البرنو”، وانضمت إليها عدة قبائل منها “الرزيقات” و”المسيرية” و”البني هلبة” و”الهبانية” و”التعايشة” وغيرهم من القبائل العربية في دارفور، بجانب التجار الوافدين من شمال ووسط السودان.

وفيها يقع أحد أكبر أسواق المواشي في إقليم دارفور غربي السودان، وبورصة نيالا للمحاصيل الزراعية، وسوقاً للتوابل ومنتجات عسل النحل، بجانب كونها أحد أهم مراكز تصدير الصمغ العربي والماشية في الإقليم.