استوقفني مقطع فيديو (وما اكثر المقاطع في هذا الزمن) الفيديو لرجل أوقف شاحنته، وشاحنته من النوع الذي اسمه الشعبي (بطاح) يعني طول الترلة وحدها يبلغ 12 مترا فهو من النوع الذي يسع حاوية 40 قدم (يا اخوانا حكاية الوحدات البريطانية المتخلفة دي شنو بوصة وقدم واونصة ورطل والى متى؟ بريطانيا الغتها).
نعود، جلس صاحب الشاحنة او سائقها وبدأ يعدد: هذه رخصة القيادة ويرميها بجانبه، وهذه استمارة الرأس، وهذه استمارة الترلة، وهذا التأمين، ودا التفتيش الشهري ويشيل ويرمي في المستندات الى أن قال وبعد كل هذا تدفع على طول الطريق في نقاط متعددة ومتنوعة لتصل بعائد أقرب الى الصفر. واقسم ان لا يحرك شاحنته بعد اليوم.
هذه أداة اقتصادية مهمة خرجت من الخدمة ترى كم مثلها خرج لهذه الأسباب؟ (ما لم أستطع نقله لكم أعزائي القراء الألم في نبرة صوته التي هي أقرب للبكاء).
لا شك أن هذه النقاط التي على الطرق القومية صارت مدمرا اقتصاديا وأخلاقيا مهما برر لها من يقومون عليها أو يقفون وراءها، فهي ليست موردا نظيفا للدولة.. والذي يصل الى الخزينة العامة منه ضعيف جدا إن وجد.
أما القول بأن نقاط المرور بأنها للسلامة المرورية فهذا يحتاج دراسة من طرف محايد.
أدلى بدلوٍ واحد في هذا الشأن في يوليو عام 2015 سُحِبت كل هذه النقاط للتحول للتحصيل الالكتروني بدلاً من اورنيك 15 الورقي وكان المرور غير جاهز. لم نسمع ولم نشاهد ولم نقرأ عن أي حادث – وقتها – ربما لأن السائقين كانوا يقودون بمزاج رائق.
بعد هذه المقدمة (التي هي أطول من أسئلة فلان) ندلف الى موضوعنا ماذا نريد من حكومة الامل في هذا الظرف الاقتصادي الحرج؟ فقد افقرت الحرب الغالب الاعم من المواطنين.
فبعد ان بدأت الحياة تعود لطبيعتها تفاجأ الناس بالغلاء ومن أسبابه الترحيل الذي يشكو من غلاء الوقود والنقاط على الطرق. ورفع الدعم عن غاز الطبخ LPG وهذا موضوع يحتاج مقالا لوحده.
الكل متشوق لتحول رقمي متقن يسد كل ثغرات التخلف التي يعيشها السودان وخصوصا عند مقارنة الخدمات في دولة كالسعودية مثلاً. نعم نريد تحصيل الكتروني على الطرق لتنعكس على الطرق توسعة وصيانة وإضاءة. من زجاج السيارة الامامي الى حساب الهيئة العامة للطرق والجسور ومن لوحة السيارة الى خزينة الدولة.
لكن يا حكومة الأمل قبل ان (تنجض) طبخة التحول الرقمي الذي نتمناه ألا توجد قرارات ترفع هذا الغبن الذي وصل ببعض الناس أن يقارنوه بارتكازات مليشيا الدعم السريع؟ إما تطبيقات سريعة قابلة للمراجعة والتجويد تقوم مقام البشر الخطاؤون (بعمد) أو دراسة محايدة لهذه النقاط أيهما أكبر ضررها ام نفعها؟
أو بتجريب وقف هذه النقاط جميعها لشهر كامل معلن مثلاً: لن تكون هناك أي نقاط على الطرق من أول نوفمبر 2025 الى نهايته ويقارن بشهر أكتوبر مثلاً وتقارن النتائج الاقتصادية.
في زمن سابق في محلية ما أخرجت موظفيها لجمع القطعان وهو ما يتحصل مقابل كل رأس من الانعام جمعوا 31 مليون وكانت مصاريف الحملة 30 مليون. اترك لكم التعليق..
أمام حكومة الأمل وشعبها فرصة ليتفاكروا في كيفية رفع الغبن بما يخدم الجميع.
Istifhamat1@gmail.com